هي الضحية وهي الزوجة الثانية لثلاثة رجال
غزة-وحدة النشر والمعلومات
إنها ضحية الأسرة الممتدة , الغير واعية , التي يهمها فقط كيف ومتى ستتزوج إبنتهم التي كانت آنذاك لا تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها , ومن سيُريحهم من هم وجود هذه الجميلة في منزلهم , د.ش لجأت للمركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات لتروي لنا قصتها المأساوية بحثاً عن ثغرة أمل لتحاول تحسين حياتها القاسية , والتي بدأت قصتها بتزويجها لرجل يبلغ من العمر أربعين عاماً الذي كان لديه زوجة أولى وأطفال يرعاهم , في حين كانت هي فتاةً صغيرة لا تدرك معنى الزواج ومسؤولياته .
ومنذ أن تزوجت ذاك الرجل وهي تواجه المشاكل مع زوجته وأطفاله ومع زوجها أيضاً , وعندما تراكمت المشاكل في البيت بسبب وجودها في حياتهم , بدأ يعنفها لفظياً ولم يطول عليها الحال معه إلا وقام بتطليقها دون أن تنجب منه أطفالاً , حتى يعود مرةً أخرى لحياته السابقة مع زوجته الأولى وأطفاله , والآن بعد أن أصبحت مطلقة صغيرة في العمر وفاتنة , عادت مرة أخرى شغل أهلها الشاغل في تزويجها والخلاص منها بأية طريقة .
ومن هنا بدأت رحلة البحث عن زوج أخر لإبنتهم التي يعتبرونها عار وهم كبير في منزلهم كونها مطلقة ومن الذي سوف يقبل بها مرة أخرى , وبمحض الصدفة المأساوية كان رجلاً كبيراً في السن يبحث عن زوجة صغيرة وجميلة فتقدم لخطبتها ووافق الأهل فوراً وقاموا بتزويجها , ذاك الرجل كان لديه الكثير الكثير من الأولاد والبنات وكانت لديه زوجة كبيرة في السن لا تستطيع رعاية جميع أبنائها , د.ش كانت الزوجة الثانية للمرة الثانية , في بداية الأمر حاولت أن تندمج مع أفراد العائلة الكبيرة , وأصبحت حاملاً في ابنتها الأولى وكان حملها قد شغلها عن بعض الثغرات التي تعانيها مع عائلة كبيرة لا تستطيع أن تهتم بأبنائها لتقوم بالاهتمام بالزوجة الجديدة , وذات مرة كانت تتجول في ذاك البيت الكبير الذي كان يضم اعداداً كبيرة من الأبناء والأحفاد والذي كان عادة مايكون أبواب الغرف مفتوحة للجميع , جذبها باب الغرفة المغلق , أخدها الفضول وذهبت لتفتح فتحة صغيرة من ذاك الباب لترى الكارثة التي كانت أول وأكبر صدمة في حياتها وهي تحرش زوجها الأب , كبير العائلة , في ابنته المراهقة , ذهبت فوراً وابتعدت عن الغرفة وأخدتها حالة من الاكتئاب المزمن لما رأته في تلك الغرفة , ولكنها لم تستطيع أن تتفوه بكلمة لأي أحد من العائلة , والمفاجأة أنه كان عادة يحاول مضاجعة ابنة أخرى له وتلك التي تحرش بها أسرعت في فضح أبيهم , فما كان من إخوتهم الشباب إلا أن قاموا بقتـل أبيهم دون أي نقاش , وجائوا بزوجة أبيهم لتُدلي بقسمها أنها رأت أبيهم فعلا يحاول التحرش في بناته, وفعلاً قسمت أنها رأته على تلك الحالة مع ابنته وبعدها تم القبض على ابنائه بتهمة القتل , وهذه كانت نهايتها مع تلك العائلة .
وكعادة أهلها تم تزويجها للمرة الثالثة وأيضا للمرة الثالثة هي الزوجة الثانية , كان الزوج الجديد هو عنوان الأمل لها ولإبنتها بسبب حبه الكبير لها , وهذه تكون المرة الأولى في زواجاتها لترى وتشعر الحب مع رجل صغير في السن لا يكبرها سوى عامين , عاشت معه حياة كريمة يملؤها الحب وأنجبت منه أربعة أطفال ولكن سرعان مابدأت المشاكل الأسرية بالظهور بينها وبين زوجته الأولى وعندما بدأت بتخطيها والتعامل معها , شعرت بأنها مهزوزة الثقة بالنفس وأنها لا تستطيع أن تتحمل مشاكل جديدة في حياتها وأنها انسانة بلا جدوى لا لنفسها ولا لطفلتها ولا حتى لزوجها الجديد , والمشكلة هنا أنها وبسبب خبراتها وتجاربها السابقة في الفشل الذريع المستمر في حياتها لم تستطع أن تواجه الحياة أكثر من ذلك , وهي الآن تعيش بين عائلة جديدة ولديها زوج متعلم ومثقف وزوجته السابقة أيضا لديها من العلم ما يكفي لأن تغلبها , وبدلاً من المواجهة دخلت في حالة احباط وعزلة اجتماعية جعلتها تبتعد كثيراً عن الناس والمجتمع مما أدى إلى جعل زوجها لا يستطيع تحمل ما بها من مشاكل ونفسية مدمرة , وبدأت المشاكل بالتراكم بدون أي مواجهة او ايجاد حلول , وعاد مرةً أخرى العنف اللفظي والجسدي والنفسي يمارس عليها من قبل زوجها الجديد التي لم تطول معه فترة الحب والسعادة التي شعرتها ولأول مرة معه .
ومن شدة احباطها جاءت صديقتها بها الى المرشدين المختصين في المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات , وقامت المرشدة بالعلاج اللازم لها عن طريق التفريغ النفسي وجعلها تخرج ما بداخلها من مشاعر واحاسيس وغضب ومشاكل نفسية متراكمة , إنها تعاني من تذبذب في الشخصية وعدم القدرة على اتخاذ القرارات بنفسها لأنها دائما ماتخاف من الاستهزاء بما تقول وبما تفعل من قبل عائلة زوجها الجديدة التي لا تراها سوى تلك الجاهلة التي لم ترى شيئاً في حياتها سوى المشاكل والعنف , ولكن سرعان مابدأت المرشدة النفسية بعلاجها والتقرب منها وجعلها صديقة لها , وعلاج سلوكها والتغيير منه الى الافضل وزيادة ثقتها بنفسها , وركزت المرشدة على تحسين علاقة الحالة مع زوجها وإرجاع الحب والأمان التي كانت تشعره معه في أول سنين زواجهم وأنها بحاجة لذلك معه , وتم ذلك من خلال صديقة الحالة الوحيدة كانت هي من تحاول أن تقنع الزوج بأن تعود العلاقة فيما بينهم كما كانت وأفضل , وقامت المرشدة باقناع الحالة بإكمال تعليمها والمطالعة لبعض الكتب والمجلات المنوعة وبدأت حالتها شيئاً فشيئاً تتحسن وتتطور والآن هي تسعى وتجتهد للحصول على الثانوية العامة , وذلك حسن من نفسيتها المدمرة كثيراً , وبدأت تهتم بمظهرها الخارجي وابنائها الصغار وترعاهم رعاية أمة واعية , وأخيراً زوجها اقتنع وعاد مرةً أخرى ليقدم الحب لها ولعائلته وليستوعب نفسيتها التي كانت مدمرة على مدى سنين طويلة , وبهذا تكون د.ش قد تغلبت على مشاكلها وهموما التي تراكمت على مدى سنين وتحيى حياة كريمة ,جديدة ,نظيفة كما تعيش أي امرأة اخرى لديها حقوق وواجبات وعائلة تحتويها وابناء وزوج تستطيع التعامل معهم وتقدم الحب والمشاعر التي لطالما حرمت منها …