السيدات العاملات هل هنّ فاشلات أسرياً؟

fقلم الأستاذة هدى فتيحة:

 بداية كلنا يعلم أن الاسلام أباح للمرأة الخروج للعمل ولم يقيد هذا الحق الا بما يحفظ للمرأة كرامتها ويصونها من الابتذالـ، وهنا لا نبحث في مشروعية خروج المرأة للعمل بل أننا بصدد طرح تساؤل عن ما بعد خروجها للعمل وما يترتب على هذا الامر من تبعيات على أهل بيتها من زوج و أبناء.
يرجح علماء النفس خروج المرأة للعمل إلى سببين أولهما الحاجة المادية الضرورية فقد تكون تلك السيدة بحاجة ماسة لفرصة عمل من أجل إعالة أفراد أسرتها بسبب تدني الوضع الاقتصادي لديها أو بسبب فقدان الشخص المعيل داخل الأسرة، وثانيهم رغبتها في تحقيق الذات وبناء شخصيتها المستقلة التي تحقق من خلالها الرضى الذاتي والسعادة النفسية في أنها شخص فاعل وله وجود.
 فالتساؤل المطروح هل ستنجح تلك السيدة المثقلة بالأعباء والالتزامات في تحقيق نوع من التوازن ما بين منزلها دون أدنى تقصير في حقوق زوجها وأبنائها بمقابل إثبات نجاحها في عملها؟؟ أم أنها ستفشل على اعتبار أنها كائن ضعيف محدود الطاقة والقدرات كما تصُنف لدى البعض؟
من وجهة نظري الشخصية فأنني أرى أن الأمر نسبي ويختلف من سيدة لأخرى، فقد صادفنا وسمعنا كثيرا عن سيدات يشغلن وظائف في مؤسسات المجتمع المدني أو حتى في القطاع الخاص و قد صنعن نجاحاً ملموساً في تربية أبنائهن و إدارة حياتهن الخاصة بجانب الإنجازات التي حققوها في حياتهن العملية دون أدنى تقصير، على عكس بعض السيدات اللواتي لا يعملن ولكن نجد أنهن مقصرات بل وفاشلات في حياتهن الأسرية – إن صح التعبير – بالرغم من التفرغ الكامل, والسبب هنا هو قلة الوعي بكيفية إدارة شئون بيتها وانعدام الحس التنظيمي فتتراكم عليها الأعباء والواجبات وتدخل في دائرة إلقاء اللوم على نفسها تارة وتارة أخرى على من حولها.
 فالمجتمع مليء بأمثلة لسيدات عاملات ممن بلغن ما يزيد عن العقد والعقدين وهنّ ناجحات وفاعلات أسريا وعمليا وأنهن ذوات فضل على المجتمع فيما يقدمنه من خدمات إلى جانب تربية جيل مثقف وناجح من أبنائهن، الأمر الذي يدعونا للتفاخر بهذه الشريحة لما حققنه من نجاح على صعيد الأسرة والمجتمع.
ومن هنا نخلص إلى أن الفشل يرتبط بذات المرأة و آلية نظرتها للأمور وليس بعملها أو عدمه، فليس من الضروري أن تفشل امرأة عامله لأنها عامله وأن تنجح أخرى لأنها ربة بيت، كلا بل الأمر منوط بالوعي والتفكير السليم والترتيب المسبق لإيجاد حلول بديله من أجل تنظيم حياتها بعد اتخاذها لقرار الخروج للعمل.
 فأخيراً لا تترددي أختي العاملة في تحديد جدول زمني لتسجيل المهام اليومية بشكل عملي ومنظم لإدارة شؤون منزلك, مخصصة وقتاً للأعمال المنزلية وآخر لأبنائك وزوجك و ستحظين بقسط من الراحة إلى جانب حالة من الرضا فالنظام سيبقى دوماً هو من أسس الحياة اليومية للإنسان.