مشكلة الغيرة عند الأطفال

بقلم الأخصائية النفسية : شيرين البياري الغيرة هي حالة انفعالية مركبة من حب التملك وشعور الغضب بسبب وجود عائق مصحوبة بتغيرات فسيولوجية داخلية وخارجية يشعر بها الطفل عادة عند فقدان الامتيازات التي كان يحصل عليها أو عند ظهور مولود جديد في الأسرة أو عند نجاح طفل آخر في المدرسة في حين كان حظه الفشل والإخفاق . هذه المشاعر المركبة يرفض الطفل الإفصاح عنها أو الاعتراف بها ويحاول الإخفاء لأن الإظهار أو الإفصاح عنها يزيد من شعوره بالمهانة والتقصير . أسباب مشكلة الغيرة لدى الطفل : 1- شعور الطفل بالنقص ومروره بمواقف محبطة : كنقص الجمال أو في الحاجات الاقتصادية من ملابس ونحوه ومرور الطفل بمواقف محبطة أو فشله المتكرر ويزداد هذا الشعور ويثبت نتيجة سوء معاملة الوالدين وقسوتهم معه والسخرية من ذلك الفشل . 2- أنانية الطفل التي تجعله راغبا في حيازة اكبر قدر من عناية الوالدين . 3- قدوم طفل جديد للأسرة . 4- ظروف الأسرة الاقتصادية فبعض الأسر دخلها الاقتصادي منخفض أو شديدة البخل على أبنائها مقارنة بالأسر الأخرى فتنمو بذور الغيرة في نفس الطفل نتيجة عدم حصوله على ما يريد من أسرته. 5- المفاضلة بين الأبناء فبعض الأسر تفضل الذكور على الإناث أو عندما يفضل الصغير على الكبير وهكذا فتنمو الغيرة بين الأبناء. 6- كثرة المديح للأخوة أو الأصدقاء أمام الطفل وإظهار محاسنهم أمامه. الوسائل السلبية للتعبير عن الغيرة: 1- بالصراخ والعبث بأغراض الآخرين أو سرقتها أو تدميرها. 2- بالاعتداء الجسدي بالضرب أو القرص. 3- بالإزعاج وإلقاء الشتائم. 4- عندما يتقدم الطفل بالعمر ( بعد العاشرة ) تأخذ الغيرة شكل التجسس والوشاية والإيقاع بالآخرين. 5- تظهر الغيرة عند الأطفال الصغار بالقيام بتصنع الحب الزائد نحو الطفل الجديد وذلك لإخفاء مشاعر الغيرة الدفينة. وإذا أتيحت الفرصة للطفل الغيور حتى يقوم بإيذاء أخيه بالضرب أو بالعض. ولعلاج مشكلة الغيرة عند الطفل نقترح ما يلي : 1ـ أن نزرع في الطفل ثقته بنفسه وأن نشجعه على النجاح وأنه عندما يفشل في عمل ما سينجح في عمل آخر. 2ـ أن نتجنب عقابه أو مقارنته بأصدقائه أو إخوته و إظهار نواحي ضعفه وعجزه,فالمقارنة تصنع الغيرة بين الأخوة والأصدقاء وإبعاده عن مواقف المنافسات غير العادلة . 3ـ أن نعلمه أن هناك فروقا فردية بين الناس ونضرب له الأمثلة على ذلك. 4ـ أن نزرع فيه حب المنافسة الشريفة وأن الفشل ليس هو نهاية المطاف بل إن الفشل قد يقود إلى النجاح . 5ـ تشجعيه لأن يعبر عن انفعالاته بشكل متزن . 6ـ إشعار الطفل بأنه مقبول بما فيه لدى الأسرة وأن تفوق الآخرين لا يعني أن ذلك سيقلل من حب الأسرة له أو تزلزل مكانته . 7ـ إذا قدم للأسرة مولود جديد ولاحظت غيرة ابنك منه فلا تكفه أو تزجره بل دعه يساعدك في العناية بالطفل في أمور هي في حدود طاقته وأثني عليه وأشعره بالمسؤولية وراقبه عن بعد دون أن يشعر .ولا تظهر اهتمامك بالطفل الجديد وهو يرى ولا تدعه يشعر بأن هذا الطفل قد أخذ حبه منك وكن دائما يقظ لسلوك الطفل وصحح خطأه بلطف ولباقة . 8- تعويد الطفل منذ الصغر على تجنب الأنانية والفردية والتمركز حول الذات وأن له حقوقا وعليه واجبات ونوضح له السلوك الصحيح . 9- إدماج الطفل في جماعات نشاط وفرق رياضية. 10- المساواة بين الأخوة، وحسن المعاملة، وعدم التدليل الزائد. 11- هدوء الأجواء الأسرية والبعد عن المشاكل والخلافات. 12- عدم إتاحة الفرصة للطفل بالتعلق الشديد بهما، وترك العلاقة بالطفل طيبة جداً وعادية وغير مبالغ بها. كيف تتعاملي مع طفلك قبل قدوم المولود الجديد : يعد استقبال مولود جديد في محيط الأسرة أمراً مزعجاً للطفل الأول أو للأطفال الأقل من ثلاث سنوات، ففي هذه السن يفضل كل منهم أن يكون الوحيد لوالديه فلا يريد أن يشاركه أحد في عطفهما واهتمامهما، لا سيما الطفل الأول الذي اعتاد أن يكون محط أنظار الجميع دون منافس، فلا تنزعجي إذا رأيت صغيرك مرابطاً بجوار مهد أخيه الرضيع، يعود إليه كلما أبعدته. وقد تمتد إليه يده من قبيل الفضول واستكشاف هذا المخلوق الجديد، الأمر الذي يثير القلق من هذا الطفل المتوثب . وقد يختلف الأمر بالنسبة للطفل الثاني أو الثالث الذي اعتاد أن يتقاسم انتباه وعاطفة والديه مع إخوته الأكبر سناً، غير أن هذا لا يعني أنَّ الطفل الثاني أو الثالث لا يشعر بالمنافسة تجاه المولود الجديد، فالشعور موجود لكن المهم هنا هو كيفية تعامل الأهل مع هذا الوضع، والتخفيف من حدة شعوره بالغيرة نحو أخيه وتحويله إلى شعور إيجابي. أعراض الغيرة : أكثر أعراض غيرة الأطفال شيوعاً هو زيادة طلبات الطفل كي يجذب اهتمام أهله إليه، فهو يريد أن يحمله أبواه ويدوران به، خصوصاً عندما يرى الأم مشغولة بالمولود الجديد، أما بقية الأعراض فتشمل تصرفه كطفل رضيع من جديد، كأن يضع إبهامه في فمه مثلا أو يتبوّل أو يتبرّز على نفسه، وقد يميل إلى العنف والعدوانية في سلوكه كأن يتعامل مع المولود بخشونة مثلاً، وجميع هذه الأعراض طبيعية، وبالإضافة إلى أنه يمكن منع بعض الأعراض ؛ فإن بقيتها يمكن أن يتحسن خلال شهور قليلة. ويمكن الوقاية من غَيرة الأطفال من المولود الجديد ابتداء من فترة الحمل؛ وذلك من خلال ما يلي: – اجعلي الطفل الأكبر مستعداً لاستقبال أخيه المولود الجديد ؛ بأن تحدثيه عن الحمل وتجعليه يتحسّس حركات الجنين أيضاً. – أعطي الطفل الفرصة ليراقب عن كثب أحد المواليد الجدد حتى يكون لديه فكرة أفضل عن المولود القادم. – شجعي الطفل على مساعدتك في تحضير غرفة المولود. – انقلي سرير الطفل إلى غرفة أخرى أو إلى سرير جديد قبل حلول المولود الجديد بعدة أشهر؛ حتى لا يشعر بأنه قد تم إبعاده بسبب المولود الجديد، وإذا كنت ستلحقين الطفل بروضة الأطفال فافعلي ذلك قبل موعد الولادة بوقت كاف. – أخبري الطفل أين ستتركينه ومن سيعتني به عند دخولك المستشفى ؛ إذا لم يكن سيمكث مع والده بالمنزل. – شاهدي مع الطفل ملف صور العائلة وحدّثيه عن السنة الأولى في حياته أو حياة أحد إخوته الكبار. وعند دخولك المستشفى للولادة اتبعي الآتي: – اتصلي هاتفياً بالطفل الأكبر واطلبي منه أن يزورك في المستشفى، فالعديد من المستشفيات تسمح بذلك، وإذا لم يكن من الممكن أن يزورك الطفل في المستشفى فأرسلي له هدية وكأنها من المولود الجديد. – شجعي والد الطفل على أن يأخذه في بعض النزهات . وبعد مغادرة المستشفى والعودة للمنزل احرصي على ما يلي: – عند دخولك المنزل اقضي اللحظات الأولى مع الطفل الأكبر ؛ واجعلي شخصاً آخر يحمل المولود الجديد بدلاً منك. – اطلبي من الزوار أن يعطوا كثيراً من اهتمامهم للطفل الأكبر، ودعي الطفل يفتح الهدايا التي تأتي للمولود الجديد بنفسه. – ومن البداية يجب أن تشيري إلى المولود الجديد دائما بـ “طفلنا الرضيع”. – وخلال الشهور الأولى لوليدك أعط الطفل الأكبر قدراً أكبر من الاهتمام والرعاية التي يحتاج إليها، وحاولي أن تشعريه بأنه أكثر أهمية من غيره ؛ وأن تجلسي معه لمدة نصف ساعة متصلة على الأقل يومياً، وتأكدي من أن الأب والأقارب يقضون وقتاً إضافياً مع الطفل، وبخاصة في الشهر الأول، وخصيه أنت بقدر كبير من الحنان طوال اليوم، وإذا طلب منك أن تحمليه أثناء إرضاعك للمولود أو هزه فأشركيه في الرعاية، أو على الأقل يمكنك أن تحدثيه أثناء انشغالك برعاية رضيعك. – شجعي الطفل على أن يتحسّس المولود ويلعب معه، بشرط أن يكون ذلك في حضورك، واسمحي له أن يمسكه أثناء جلوسه في مقعد ذي مسندين جانبيين (لمنع انزلاق المولود)، وتجنّبي تحذيره بمثل قولك : “لا تلمس المولود” ؛ فالمولود ليس هشاً لهذه الدرجة، ومن الضروري أن تظهري للطفل مدى ثقتك به ؛ ولكن لا يمكن السماح عادة للطفل بحمل المولود إلا بعد بلوغه سن المدرسة. – اجعلي الطفل يساعدك في العناية بالمولود ؛ فشجعيه على أن يساعدك في غسل المولود وتجفيفه وإحضار الحفاظ أو أن يبحث عن لعبته أو مصاصته، وفي بعض الأحيان شجعيه على اللعب بدميته (سواء بإطعامها أو غسلها) أثناء قيامك بإرضاع المولود أو غسله، وأكّدي للطفل مدى حب المولود له ؛ بأن تقولي له : “انظر إليه كم هو سعيد عندما تلاعبه” أو “إنك تستطيع دائما أن تجعله يضحك”. – لا تطلبي من الطفل أن يلزم الهدوء من أجل المولود؛ فالأطفال حديثو الولادة يستطيعون النوم جيداً دون أن يخيّم الهدوء على المنزل، ومثل هذا الطلب قد يؤدي إلى امتعاض الطفل بدون داع. – لا تنتقدي طفلك إذا قلد أخيه الرضيع في البكاء أو غير ذلك من السلوكيات فهذا أمر مؤقت. – تدخّلي على الفور عند صدور أي سلوك عنيف من الطفل حيال أخيه الرضيع، وذلك بعزله وإبعاده عنه دون تعنيف أو ضرب؛ لأن معاقبته ستجعله يحاول باستمرار أن يفعل نفس الشيء مع المولود على سبيل الانتقام، لذا حدثيه دائماً عن ضرورة الرحمة بالصغير والعطف عليه وعدم إيذائه؛ لأنه مخلوق ضعيف. – أما إذا كان الطفل كبيراً – نوعاً ما – فشجّعيه على أن يحدثك عن مشاعره المتضاربة تجاه المولود الجديد، ثم ضعي له سلوكاً بديلاً كأن تقولي له : “عندما ينتابك الشعور بالغيظ من المولود الجديد فتعال وعانقني عناقا طويلاً”. كيف يظهر شعور الغيرة على الطفل: تظهر الغيرة بأسلوب تعويضي مصطنع، حيث يخفى الطفل مشاعره الحقيقية ويقوم بدور الممثل نحو أخيه المولود الجديد الذي يأخذ في ضمه وتقبيله ولكنه في حقيقة الأمر يود قرصه أو ضربه، ومن جانب آخر تبدو الغيرة واضحة بسلوك عدواني موجه للصغير. كذلك يتعمد الطفل إلى جذب الأنظار إليه، ويحول كراهيته لأمه التي توجه اهتماماً بالصغير وليس له، فيبدأ هنا في الانتقام، ويتظاهر في المرض أو البكاء أو العناد والسلبية. ومن أحد مظاهر جذب الاهتمام هو نكوص الطفل إلى أنماط سلوكية طفولية سابقة، مثل العودة إلى شرب الحليب من الزجاجة، والنوم في سرير الطفل، والتبول الليلي في الفراش، والتحدث بأسلوب طفلي، ومص الإصبع، والالتصاق بالأم، والبقاء في حضنها كلما حاولت حمل الصغير.