علاقات أهل الأطفال العصابيين مع الأخصائي النفسي

إعداد المرشد النفسي /سائد السرساوي من أجل فعالية الإرشاد أو العلاج النفسي ، لابد من شيء من الثقة بين الأخصائي النفسي والأهل، فألا هل بحكم تبعية الطفل لهم يجدون أنفسهم داخل مجال العملية العلاجية من دون أن نؤثر عليهم بالوسائل النفسية الدارجة طبعا،ان علاقاتهم مع الأخصائيين النفسيين الذين يعملون مع أطفالهم عرضة لصعوبات خاصة لأنهم يجدون في لجوئهم للعلاج إثباتا على مسؤوليتهم في نشوء العصاب عند ولدهم ،مما يثير مشاعر الذنب عند الأهل، وانه لمن المؤلم لهم أن يجدوا تفاصيل حياتهم الأسرية مكشوفة أمام شخص غريب، وتوكد المحللة النفسية ميلاني كلاين أن أم الطفل العصابي سوف تعاني من الغيرة تجاه الأخصائي النفسي الذي بات يحظى بثقة طفلها. لذلك فالأسرة المتعاونة بالشكل الواعي مع العلاج سوف تخل به دائما وان الأخطاء التي تحدثها تعود إلى موقفها اللاواعي والى درجة ازدواجيتها العاطفية لذلك نصادف أصعب العقبات مع الأهل الذين هم على علم بالعلاج أكثر مما هو الحال مع الأهل الذين لا علم لهم به. لهذا السبب تعتبر ميلاني كلاين انه لا فائدة من إعطاء الأهل شروحا نظرية حتى لو كانت سطحية قبل بداية العلاج بسبب التأثير السيئ الذي تحدثه عقدهم النفسية ، ويجب الاكتفاء بإعطائهم بعض الملاحظات حول معنى وأثار العلاج وتنبيه الأهل إلى أن ثمة صعوبات جديدة يمكن أن تنشأ من وقت لأخر أثناء العلاج والامتناع عن اطلاعهم على تفاصيل العلاج : فالطفل الذي يوليك ثقته له عليك كما للكبير تماما حق السرية ، كما يطلب المعالج من الأهل الإقلاع عن التدخل ، فلا يطرحون على طفلهم أسئلة تتعلق بالعلاج ولا يدعمون بأشكال عديدة المقاومات التي تعكسها أقواله.وإذا توصل المعالج إلى إقامة علاقات جيدة مع الأهل وإذا تعاونوا يمكن لنا الحصول على معلومات مفيدة حول سلوك الطفل خارج الجلسات وحول أي تغيير ، من ظهور أو غياب للأعراض ذات العلاقة بالعلاج. وعلى كل حال من الأفضل لنا الاستغناء عن هكذا مصدر للمعلومات وقد يكون مفيدا لكنه ليس ضروريا على الإطلاق إذا كان الثمن صعوبات جديدة، اطلب من الأهل أن لا يدعوا طفلهم يعتقد أن التدابير التربوية تأتي من قبل المعالج ، وان يفصلوا بين التربية والعلاج فصلا تاما. طالما ظلت أخطاء الأهل محدودة ، يجب أن يتجنب المعالج التدخل في تربية الطفل لان أخطائهم في هذا المجال ناجمة عادة عن عقدهم النفسية وبالتالي لا جدوى من النصائح المقدمة إليهم ، لأنها قد تزيد من شدة القلق لديهم ، ومن شعورهم بالذنب وبالتالي المزيد من العراقيل الجديدة ، ولكن التخفيف من عصاب الطفل أو شفائه يؤثر ايجابيا في الأهل ويخفف من شعورهم بالذنب والقلق وبالتالي يصبحون أكثر تفهما للنصائح التربوية التي يقدمه المعالج . ومن زاوية أخرى نجد القليل من ثناء الأهل على العلاج حتى لو كان ناجحا وهذا مسألة قد تفاجئ المعالج المبتدئ وتؤلمه ، وبالطبع قد تجد أهل متفهمين ولكن الأغلبية يتناسون بسهولة فائقة الأعراض التي دفعتهم إلى إرسال ولدهم للعلاج وقد يقللون من أهمية التقدم الذي يحرزه المعالج ، ولا يجب على المعالج أن ينسى هنا عجز الأهل عن تكوين فكرة عن النتائج ، أن ما يشهد على نجاح وفعالية العلاج هو إزالة العقبات التي تعيق حياة الطفل ونحن ندرك خلافا للأهل أن علاج الأطفال يشكل علاجا وقائيا لنفس العقبات عند الكبار ، فالأهل يعتبرون الأعراض الخطيرة التي يبديها ولدهم مصدرا لمضايقتهم ، ولكنهم لا يدركون أهميتها الحقيقية لأن هذه الأعراض لا تسبب نفس الخلل في الحياة اليومية للطفل مثلما هو الحال في عصاب الكبار ، ومع ذلك قد نتخلى بدون أسف عن معرفة الأهل الصحيحة إذا ما تذكرنا أن شغلنا يهدف إلى تأمين الراحة للطفل وليس الحصول على عرفان بالجميل من قبل أم أو أب .  المراجع:  ميلاني كلاين ، التحليل النفسي للأطفال ، ترجمة عبد الغني الديدي، دار الفكر اللبناني،.1994.  كريستين نصار ، موقف الأسرة العربية من اضطراب الطفل ، جروس برس – لبنان، 1993 .