حاجز الصمت

إعداد : آيات مصران النفس البشرية محور كون لا يدري جوهره إلا الله , فيها أسرار غامضة وخفايا مجهولة , وفي النفس الواحدة رادار سحري يلتقط الحقائق و الأوهام . هذا الرادار النفسي أقوى ملايين المرات من مخترعات العلم الجبارة , حيث يقوم بتوجيه العقل في مجموعة من أفلاك ودوائر . تفاجئنا الدهشة من شيء عادي مألوف , وتفجعنا الأحزان الزائدة بلا ميعاد سابق , ونرتاح إلى صوت نسمعه لأول مرة ونرفض أصواتا قد تبدو مقبولة في أسماع الغير , وقلب الإنسان دليله , ما في ذلك من ريب يحدث أحيانا أن يحلق قلب في طرب وسعادة ويدق ويدق بين جوانح صاحبه المتسائل ماذا سيحدث هذا اليوم ؟ فوجئت أسماء بعد ما عاشت في عالم الصمت الرهيب والسكون القاتل بوجود علاج فوري لكسر حاجز الصمت التي قبعت فيه عشرة أعوام , وذلك من خلال زراعة قوقعة في أذنها , فسرعان ما حزمت أمتعتها وقاربت على المسير في الأراضي المصرية , قد تكون بداية لنهاية الصمت , وبعد إجراء الخطوة الأولى في حياتها ألا وهي عملية زراعة قوقعة داخل أذنها وسماعها لأول همسة صوت لماما , أذنت بميلاد حياة جديدة لأسماء . حيث تتحول اللحظات إلى أيام والأيام إلى كلمات والكلمات إلى أشعار فإذا بأصوات دخلت وجدانها , أعادت البنيان المهدم و أرجعتها من ذاك السبيل , جعلتها تنسى من ورائها الماضي المؤلم الحزين و أعادتها إلى شواطئ الحياة القابعة بجانب الغدير لتروي سمعها الذي عاش طويلا في صحراء قاحلة كانت تعذبه بسهامها الصامتة . وها قد حان موعد الخطوة التالية في حياة أسماء بعد زراعتها للقوقعة . وبعد عودتها لأراضي غزة , ومن خلال متابعتها في المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات – قسم النطق والتخاطب وذلك بإعطائها جلسات علاجية نطقية , وتوظيف لأعضاء الكلام والنطق واستخدام جلسات التخاطب وتمارين مخارج الأصوات الهجائية , أسماء ومع عزيمتها و إصرارها على التحدث وسماع صوتها , ها قد وصلت للمرحلة النهائية في استبدالها لغة الإشارة الخاصة بالصم بلسانها وذلك من خلال النطق السليم وتلاوة القرآن الكريم بشكل جيد والتحدث بصورة صحيحة . ومن هنا تحول كل شيء في حياة أسماء إلى آلات تحركها أنامل الزمن كيفما تشاء . أقول كلمات هامسة و أتمنى أن تلمس حروفها المكتوبة أعماق نفوس حائرة في علاج أبنائها و أقول أن العقل المتفتح ميزان يزن الأِشياء بدقة والقلب الخفاق سلطان عادل ما دام هذا القلب يعيش بعاطفة يمنحها للغير يشقى لشقائها البائس المسكين العابر ويطرب لسعادة إنسان ضعيف لا يرجو منه إلا أن يسعد وما دام القلب الخافق ينبوع محبة إنسانية وعطاء متدفقا وما دام هذا العقل يؤمن إيمانا لا يتزعزع بأن النفس البشرية محور كون هائل لا يعلم خفايا هذا الكون البشري إلا الله .