ما كان يضحكني قد بات يبكيني .. ضدّان أصلهما من سر ّتكويني

ابتسام طفلة صغيره لا تتجاوز العشر سنوات. تحب والدها كثيراً فهو بالنسبة لها كل ما عرفته من حنان، تحبه بجنون فلا تنام إلا بحضنه لتستمع مع كل ليلة قصة جميلة تداعب أحلامها الصغيرة وتخيلاتها المحدودة. وبعد فترة أصيب والدها بالمرض الخبيث ، و بقي في المستشفى ثلاث شهور متواصلة. وبدت تسوء حالته أكثر فأكثر، إلى أن جاء الخبر الحزين الذي لم يتحمله وهو وفاة الأب الحنون. حزنت الطفلة كثيراً فذاك الأب الحنون الذي كان دوماً يداعبها ويحملها ويشتري لها الألعاب رحل0 انصدمت الطفلة بوفاة والدها وأثر ذلك على حياتها فأصبحت في حالة نفسية صعبة جداً حتى أصبحت تكره كل شي في الحياة و تراودها أفكار سوداوية ، كثيراً ما حاولت أن تودي بحياتها لتلحق والدها حيث كانت تحول أن تقتل نفسها أو أن ترمي نفسها تحت سيارة. لم تجد ابتسام عوضاً عن والدها، فأخوها الأكبر كان يضربها لأتفه الأسباب باستمرار ، كانت الطفلة تلجأ إلى أمها و لكن الأم ضعيفة ولا تستطيع السيطرة على أمور البيت و لا حماية طفلتها الصغيرة من ابنها الأكبر ، و هذا أثر سلبيا على نفسية الطفلة فأصبحت الطفلة تخاف من آخوها و من أي شخص و تخاف من كل شي حولها حتى من أمها ، و من هنا بدأت مشكلة اكبر مع الطفلة حيث أصبحت تتبول على نفسها كل ليلة . و أصبحت الطفلة تفضل الجلوس لوحدها والنوم مبكرا حتى لا ترى أحدا من أهلها ولا تحب أن تشارك أهلها أفراحهم أو أحزانهم ، و لا تتحدث أيضا مع أي احد في المدرسة و لم يكن لها أصدقاء في المدرسة ، و بسبب انطوائها و ضعف شخصيتها أصبحت تتعرض للعنف الجسدي و اللفظي حتى في المدرسة من قبل زميلاتها ، و رغم كل هذا تكتم الطفلة في صدرها و لا تصدر عنها أي ردة فعل . و من خلال الزيارة المدرسية تبين أنها تحب اللغة العربية و مدرسة اللغة العربية ، و تتمنى أن تصبح معلمة لغة عربية في المستقبل ،كما تميل إلى زاوية الرسم لأنها تعبر عما يدور بداخلها من أحزان وهموم في الرسم . و من خلال الحوار الذي دار بين طاقم المشروع والمعلمة و المرشدة في المدرسة حول الطفلة تبين أن الطفلة غير متفاعلة مع أي شخص في المدرسة لا مع المدرسات و لا مع زميلاتها و تبقى منعزلة لفترات طويلة . و في بداية مشروع ( أطفالنا أمالنا ) كانت هناك مشاكل كثيرة بين الطفلة و زميلاتها في داخل المشروع ، حيث كانت ابتسام تتعرض للاعتداء الجسدي و اللفظي من قبل هؤلاء الفتيات ، و من خلال جلسات الإرشاد الجماعي مع الفتيات تم معرفة أسباب المشكلة بينهم مع الاتفاق مع باقي الطالبات بعدم التعرض لزميلتهم بأي نوع من الأذى و مصادقتها و احترامها كباقي الأطفال الآخرين . و أثناء جلسات الدعم النفسي كانت ابتسام ترفض المشاركة رغم محاولات متكررة لدمجها مع الأطفال و خلال جلسة الإرشاد الفردي مع الطفلة و دعمها نفسيا و التعاقد السلوكي مع الطفلة ، بدأت تتحسن بشكل كبير ، و أخذت تشارك زميلاتها في الأنشطة الترفيهية ، و تطلب تكرار بعض الأنشطة و الألعاب التي تحبها و ترغب المشاركة فيها بشكل كبير . و خلال متابعة الطاقم لجلسات الإرشاد و الدعم النفسي ، و الزيارات المنزلية لأسرة الطفلة و التحدث معهم و التعاون معنا من اجل طفلتهم ، تخلصت الطفلة من مشاعر القلق و التوتر و الخوف الشديد ، تحسنت الطفلة بشكل كبير و تتمتع حاليا بمرونة عالية مع باقي زميلاتها . و من خلال زيارة الأم لنا شكرتنا كثيرا و بدت الأم سعيدة لتحسن طفلتها حتى أن مستوى التحصيلي للطفلة أصبح أفضل ولاحظت الأم هذا التحسن على طفلتها ، و تتمنى أن تبقى طفلتها معنا فترات أطول و نستمر في زيارتهم في المنزل لتبقى الطفلة في أحسن حال و لتتقدم إلى الأمام و خاصة في مستواها في المدرسة