لا أحب اللعب مع الغرباء

لقد طرقت الحرب الأخيرة أبواب غزة بابا بابا فلم تدع بيتا إلا وتركت عليه بصماتها ففي كل أسرة لابد أن تجد الجريح أو الشهيد أو المعاق أو المصاب بحالة نفسية يتحمل تبعاتها ليومنا هذا لهول ما كانت عليه تلك الحرب وبالرغم من أن المؤسسات الأهلية والجمعيات الخيرية تبنت الكثير من الحالات وقامت بمساعدتها إلا أن كثرة المتضررين من هذه الحرب جعلت هذه المؤسسات تغفل عن جزء كبير منهم فصار الناس يطرقون أبوابها . تلك السيدة التي جاءت تقصد هذه المؤسسة متوسلة راجية أن نلحق طفلها ضمن مشروع أطفالنا أمالنا والتي تسعى من خلاله الجمعية إلى رسم الابتسامة على شفاه الأطفال والتخفيف عن معاناتهم النفسية والجسدية والتعليمية . لم يخيب مشروع أطفالنا أمالنا آمال هذه السيدة بل بدأنا بالفعل بمساعدة طفلها .فالطفل أسامة الذي ولد في تل الزعتر بمخيم يقيم في شقة سكنية تبدو عليها آثار الفقر وسوء الأحوال الاقتصادية لهذه الأسرة لاسيما عندما يعرف بأن والد هذا الطفل هو شخص عاطل عن العمل حاله كحال الآلاف من الفلسطيني فهو لايقدر على القيام بأي مجهود بدني ولاسيما أنه مصاب بمرض القلب والسكري هذا على صعيد رب الأسرة وليس هذا فحسب بل عنده طفل يعانى من تخلف عقلي وهو الأخ الأكبر لأسامة ويحتاج إلى رعاية خاصة لدمجه في المجتمع ولتخفيف من أعباء أسرته وأسامة هو طفل من يراه لأول نظرة يكاد ينعته بالانطوائية والخوف بحيث يتجنب الاختلاط ببقية الأطفال حتى مع أقرانه وكأنهم غرباء فهذا يبدو جليا من خلال ميله للانعزال عن أقرانه وعدم مشاركتهم باللعب بحجة أنه لايحب اللعب مع الغرباء ولتعرف أكثر على وضع أسامة قام فريق الدعم النفسي بزيارة منزلية لأسرة أسامة واستطاع الفريق من خلال الزيارة التعرف على وضع الأسرة الاقتصادي –الصحي – الاجتماعي عن كثب والتعرف أيضا على أسلوب الأسرة في التعامل مع أسامة من خلال طرح الأسئلة على أفراد الأسرة والملاحظة الغير مباشرة ؛وأثناء الحديث صرحت لنا والدة أسامة بأن ابنها لا يحب التغيب عن المركز أبدا ويطلب من والدته أن تقوم بتعليمه كل ما يتعلمه بالمركز. وفى نقاط نوضح ما قام به فريق الدعم النفسي لمساعدة أسامة للخروج من الحالة النفسية التي يعانى منها (الانطواء –الخجل –الخوف) – تم عمل جلسة فردية مع أسامة لتفريغ أكثر عن كل ما يدور في خلده من خلال الرسم والتحدث عن رغباته واحتياجاته . -كثف فريق الدعم النفسي من عمل أنشطة جماعية بحيث يشارك فيها جميع الأطفال حتى يتسنى لأسامة المشاركة معهم ومبادلاتهم أحاسيسه ومشاعره بدلا من أن يتركها تشكل حاجزا من الخوف يمعنه من الاختلاط بالآخرين. – قام فريق الدعم النفسي بتكليف أسامة بأن يكون قائد الجلسة وأن يقوم بملاعبة بقبة أطفال المجموعة وعندما كان يفعل يتم تعزيزه وتشجيعه ودعمه ماديا ومعنويا والمفاجأة الكبرى عندما بدأ أسامة يتغير بشكل تدريجي حتى أنه صرح وبنفسه لفرق الدعم النفسي (شايفة كيف يا أنط صرت بحب ألعب مع بقية الأطفال) تم الحديث مع أسامة عن أحلامه و طموحه فهو كبقية الأطفال يتطلع لغد مشرق من الناحية التعليمية فرد قائلا بأنه يطمح بأن يكون معلما. كما أن والدة الطفل أسامة تقدمت برسالة شكر لكل من ساهم وساعد أسامة في التخلص من حالة الانعزال والخوف التي كان يعانى منها ومن هنا يكون مشروع أطفالنا أمالنا قد سجل نجاحا باهرا في التحسين من المستوى التعليمي والنفسي لطفل أسامة وغيره بحيث أصبح قادرا على اجتياز المرحلة الدراسية ومتابعة حياته بشكلها الطبيعي