القاضية الفقيه: تعيين المرأة في القضاء الشرعي خطوة على طريق إنصافها

رام الله 7-3-2009 وفا– زلفى شحرور

خلود الفقيه القاضية في مجلس القضاء الشرعي، فاجأتها البيئة الإيجابية التي استقبلتها بود ومحبة، وهي من توجست من استقبال الجمهور لها وعلى الأخص كبار السن منهم.

خلود الفقيه فتحت مع زميلة لها في الخليل، الأبواب الموصدة تاريخيا ليس في فلسطين وحسب ولكن في كل المنطقة العربية، أمام مشاركة النساء في محاكم القضاء الشرعي، لا لأسباب قانونية، لأن الأصل في القانون هو المساواة بين المواطنين، والقانون الأساسي في فلسطين حفظ هذا الحق، رغم عدم ممارسته بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية.

‘وفا’ جالت في قاعات القضاء الشرعي في مدينة البيرة، وحاولت رصد انطباعات القاضية خلود الفقيه خلال الأسبوعيين الأوليين من عملها، وموقف العاملين معها والمتقاضيين أمامها.

وقالت الفقيه ‘ لم أواجه أي صعوبة تذكر، توقعت في بداية عملي مواجهة صعوبات وإشكاليات خاصة مع كبار السن برفضي، خاصة وأن وعيهم تشكل بعمل الرجال فقط في القضاء الشرعي، إلا أنني لم أواجه أي صعوبات، بل على العكس وجدت تقبلا حقيقيا لي.

ودللت على مستوى تقبلها من قبل الجمهور، بالقول ‘حولت قضية إلى زميل لي بسبب انشغالي الشديد، وفوجئت بالرجل صاحب القضية يصر على النظر فيها أمامي’.

ولا تنفي الفقيه، أنها تشعر ببعض الأحيان برفض داخلي لها، ولا يتم التعبير عنه بصورة واضحة ، وتستشعر الرفض الداخلي لها من قبل النساء بصورة خاصة، وتفسر الأمر حسب اعتقادها ، أن النساء تستطيع تفهم دوافع وأسباب النساء أكثر من الرجل، وهن يشعرن بالانكشاف أمام النساء أكثر من الرجال.

وترى الفقيه، في عملها خطوة على طريق إنصاف المرأة، وهو إنجاز بالمعنى المعنوي، وإنجاز وطني لفلسطين، باعتبارها صاحبة السبق في تعيين قضاة شرعيين من النساء، رغم ما تعانيه من احتلال وانقسام.

وأضافت ‘النساء كن محرومات من هذا المنصب، بحكم التقاليد وليس بحكم القانون، والذي لم يشترط يوما تعيين رجال فقط في هذا المنصب.

وتوضح الفقيه أن المبادرة جاءت من قبل قاضي القضاة الذي قال بعد إعلان مسابقة تعيين القضاة، إنه سيتم تعيين نساء قضاة، لافتة إلى قيامها بتقديم أوراقها في العام 2003 لمثل هذه المسابقة، لكنها تأخرت في الإجراء.

ولم تكن علاقة الفقيه بالقضاء وليدة اليوم، فسبق لها وعملت كمحامية شرعية منذ العام 2004، وقبلها مستشارة قانونية في مركز المرأة للإرشاد القانوني.

وترى الفقيه ايجابيات كبيرة في هذا التعيين، مشيرة إلى أن المنصب سيمنحها القدرة على مساعدة النساء، في البوح بالكثير من التفاصيل، خاصة تلك الخاصة بالعلاقة الشخصية بين المرأة والرجل، لأنهن أكثر جرأة في الحديث عن مشاكلهن وفي التفاصيل مع القاضية المرأة، وقد تكون هذه التفاصيل هي الحاسمة في دعم موقفهن أمام القضاء.

واعتبرت الفقيه تعينها تحد حقيقي، وقالت ‘يجب أن تنجح هذه التجربة، لتكون قدوة على مستوى المحيط’ ، لافتته إلى أن الخطوة ستشجع نساء أخريات في فلسطين على خوض التجربة، وأضافت ‘النساء نجحن في القضاء الواقف، فما الذي يمنع نجاحهن في القضاء الجالس’.

وعن تأثير تعيين قاضيات في القضايا التي تخص النساء، وفيها بعض الإجحاف بحقهن، بينت أن القضاة يعدون تقارير شهرية، يمكن من خلالها تسليط الضوء على القضايا الغير واضحة، والتي تتطلب تعديلا في القوانين، وتضمينها في قانون الأحوال الشخصية الذي لم يقر بعد.

وبينت الفقيه أن هناك حاجة حقيقية لمراجعة القوانين، وخاصة قانون الأحوال الشخصية، وهي قوانين أردنية لم يجري عليها أي تعديل منذ العام 1966، وهي لا تواكب روح العصر، مثل رفع سن الزواج حتى سن 18 عاما بدلا من 15، ليكون منسجما مع القوانين الدولية والقوانين المطبقة عندنا، مثل منع البيع والشراء قبل سن 18 ومنع الحصول على رخصة السياقة قبل ذلك السن.

وعن كيفية دعم القاضيات للنساء، في بعض القضايا وبصورة قانونية، أوضحت الفقيه، أن النفقة المقدرة للنساء هي فقط 50 دينارا أردنيا، وهو مبلغ لا يكفي لقضاء أبسط احتياجاتها، وهي قضية يستطيع القاضي تحديدها بالاتفاق عليها مع الزوج والمساومة عليها، حسب وضع الزوج المالي، موضحة أنها استطاعت الوصول إلى أعلى الأرقام في موضوع النفقة في تاريخ القضاء الشرعي.

وأشارت إلى أنها تمكنت من التوفيق بين أزواج، رغم فشل كل محاولات الإصلاح التي بذلت بين الزوج والزوجة في دائرة الإصلاح في القضاء الشرعي، بسبب تفاعلها مع الزوجة والزوج، وتفهمها لبعض احتياجات الزوجة وإيصالها للزوج.

واعتبر المحامي على شقيرات الذي كان يترافع في قضية منظورة أمام الفقيه، إن تجربة تعيين قاضية في القضاء الشرعي هي الأولى من نوعها، في الوطن العربي والإسلامي، واصفا التجربة بالرائدة، وتدل على الاحترام والتقدير للمرأة في المجتمع الإسلامي.

وأضاف المرأة نصف المجتمع ولديها الكفاءة والقدرة والإمكانية لتتطور وتحتل أرفع المواقع، والمراكز السياسية والإدارية وموقع القضاء وكرسي القضاء من أرفع وأسمى هذه المراكز.

وتابع شقيرات ‘المحاكم الشرعية تتقاضى في شؤون وأحوال الأسرة، والأمور المتعلقة بالزواج والطلاق والأطفال والميراث، والمرأة في كثير من الأحيان أقدر على التعامل مع مثل هذه القضايا من الرجال.

وقال الشرطي محمد أبو سنينة، المتواجد بصورة يومية على أبواب القضاة، إنه لم يشهد حالة رفض واحدة من قبل الجمهور لوجود قاضية، لكنه كان يلاحظ المفاجأة على الوجوه، وبدون تعليق.

وأكد المواطن عيسى أبو خليل أنه تفاجأ حقيقية بوجود قاضية، ولكنه لا يستطيع القول أن الرجل أفضل من المرأة ، وقال انه سينتظر ويرى، فقضيته ستنظر للمرة الأولى أمامها اليوم.

وبدت علامة الاستغراب واضحة على وجه الحاجة شاهرة جودة، من وجود قاضية، وعادت وسألت ‘هون في المحكمة في قاضية’ وعادت وأكدت أن المرأة تساعد المرأة، لأنها الأقدر على فهمها، وعلامات الاستغراب ما تزال ترتسم على وجهها.

أما المواطنة أم موسى والتي تدخلت في أحد الحوارات، وهي تعتقد أننا نسأل الجمهور عن تأييدهم أو رفضهم لوجود نساء قاضيات فقالت ‘ظل تصير المرأة قاضية، وعلى الرجال يروحوا، ما ظلش كراسي للزلام، وتابعت ‘الرجال يحكمون أفضل من النساء’ .

ورأى المواطن خالد مسفر، أن لا فرق بين النساء والرجال في العمل كقضاة في القضاء الشرعي، لأن القضاء الشرعي يعتمد على القرآن الكريم والشرع، وبالتالي أحكامه واضحة، وأن الحاجة الحقيقية هي لوجود قضاة في المحاكم المدنية، لأن النساء أقدر على تحسس القضايا الإنسانية من الرجال.