700 طفل تعرضوا للتحرش الجنسي في قطاع غزة والضفة الغربية

        unnamed                                                                                                  1315123354

 الأطفال هم فلذات الاكباد ورعايتهم والاهتمام بهم ومتابعة وتقويم سلوكياتهم واجب يقع على الاهالي والمجتمع ككل، نظراً لخطورة هذه المرحلة العمرية وحساسيتها كونها القاعدة الاساسية لبناء شخصيتهم.

ويعتبر التحرش الجنسي حدثاً خطيراً له آثار سلبية ونفسية وجسدية وخيمة على الأطفال في كافة المستويات على المدى القريب والبعيد، ولا يلقى هذا الموضوع اهتماما كبيراً من المجتمع نظراً لحساسيته وللعادات والتقاليد المحافظة فيه.

والتحرش الجنسي له آثار عميقة ومريعة على الطفل بسبب عنصر العجز والخوف الذي يصيبه، مما يخلف آثار نفسية صعبة على الطفل والتي قد تلازمه لمدة طويلة حتى بعد سن المراهقة وتنعكس سلباً على بقية جوانب حياته.

لذلك ومن هذا الواقع ارتَأى المركز الفلسطيني للديموقراطية وحل النزاعات تنفيذ مشروع ” بيئة حامية للأطفال من الاستغلال والتحرش الجنسي” لتوعية شرائح المجتمع المختلفة عن خطر التحرش بالأطفال وكيفية مواجهته على كافة المستويات الصحية والنفسية والقانونية.

وشمل المشروع الذي نفذه أخصائيون نفسيون وحقوقيون ذو خبرة وكفاءة عالية العديد من النشاطات والفعاليات والندوات وورش العمل والمحاضرات التوعوية عن المخاطر الجسيمة للتحرش الجنسي بالأطفال، واستهدف عدد كبير من أولياء الأمور والأمهات والأطفال والمخاتير والوجهاء والشخصيات الاعتبارية وأئمة المساجد, ولقيت النشاطات قبولا واسعا من قبل الفئات المستهدفة.

ونُفذ المشروع من خلال 35 مؤسسة في محافظات قطاع غزة وشمال الضفة الغربية ( طولكرم – قلقيلية – جنين – نابلس) بالفترة الواقعة ما بين 1/1/2014 حتى 31/12/2015، ويعد هذا المشروع الثاني من نوعه الذي ينفذه المركز بتمويل من الاتحاد الاوروبي.

وكشف المركز أن ما يقارب 700 حالة تعرضت للتحرش الجنسي في الضفة الغربية وقطاع غزة، تم استقبالها والتعامل معها وارشادها وتوعيتها وتقديم الدعم القانوني والنفسي لها، وأوضح أن الجلسات التوعوية استهدفت 12450 طفل من سن 7-12 عام عن طريق تنفيذ 3320 جلسة معهم، بينما تم عقد جلسات تثقيفية للأهالي استهدفت 13000 من أولياء الأمور.

وأظهرت احصائيات اجراها المركز أن نسبة التحرش الجنسي في تزايد مستمر، وفي مطلع الثلث الأول من عام 2015 رصد المركز اكثر من 200 حالة نسبة الذكور منهم تزيد عن 60%، ولفت المركز الى ان غالبية الضحايا أعمارهم من 7-12 عام، وعدد كبير منهم تعرض للتحرش من شخص معروف او مقرب من الطفل.

وأقيمت الكثير من الجلسات العلاجية للأطفال الذين وقعوا ضحية لهذا التحرش، ونجح القائمون على المشروع في مساعدة الاطفال الضحايا في الانخراط بالمجتمع بطريقة سليمة وتجاوز أهم الآثار السلبية، وتم تشكيل لجنة لإدارة الحالة من أجل التدخل في الحالات الصعبة وإبداء الرأي والمشورة، وتفعيل نظام التحويل للمجال القانوني -في حال طلب الأهل ذلك- ليأخذ دوره الطبيعي في محاسبة الجُناة، وفي هذا الاطار فقد قدم المركز الدعم القانوني ل 27 حالة من ضحايا التحرش.

ومن القصص الواقعية التي قام المختصون في المركز بعلاجها انه حضرت الى المركز احدى الامهات تشكو من ظهور أعراض جديدة على سلوكيات طفلتها كالتبول اللاإرادي والاضطراب في النوم وعدم الثقة بالنفس والخوف الشديد والسرحان والتشتت الذهني وسرعة الغضب والانفعال…، وبعد الجلوس مع الطفلة ودراسة حالتها تبين أن عمها يتحرش بها جنسياً رغماً عنها، واذا حاولت منعه كان يهددها ويضربها، ولان والدها غير متفهم تخوفت الطفلة من ابلاغه حيث بدر الى ذهنها انه سيقطع رأسها.

وبعد تشخيص حالة الطفلة قام مختصو المركز بعلاجها من خلال دمج الام في الخطة العلاجية، وتوعية الام لما يحدث لابنتها من استغلال جنسي وأنها عنصر أساسي في علاجها وحمايتها من الخطر، واقناعها بفحص عذرية طفلتها، وأيضا تم عمل جلسات تفريغ انفعالي للطفلة عن طريق الاسترخاء، وتعلم سبل واليات الحماية، والتطمين، والتعزيز الإيجابي، والارشاد والتوجيه، واكتساب سلوكيات إيجابية، والحديث الايجابي عن الذات، واكسابها مهارات اجتماعية جديدة.

وفي لقاء مع منسقة مشروع (بيئة حامية للأطفال من الاستغلال والتحرش الجنسي) ايمان أبوسعيد قالت :ان فكرة المشروع تمثل تحدياً كبيراً أمام ثقافة المجتمع الفلسطيني المحافظ، وأنه عند البدء في المشروع لم يكن يراودنا الشك بأننا سنُجابه الكثير من الصعوبات، وأول الصعوبات التي واجهها المشروع هو طرح هذا الموضوع الحساس بكل جدية وشجاعة وآخرها اكتشاف حالات لأطفال ضحايا التحرش الجنسي، ففي البداية كان يظهر الخجل واضحاً على وجوه الأهالي عند ذكر كلمتي ” تحرش جنسي” وكأننا نتحدث في أمور منافية للحياء والأخلاق.

وتابعت حديثها بالقول: هذا في بداية الأمر ولكن عند الاسترسال في الموضوع وذكر أهميته يبدأ الأهالي بالتفاعل الكبير مع الموضوع وكأن سيلاً من المعلومات قد نزل عليهم من السماء لم يعتادوا على سماعها فتراهم لا ينفكون يطرحون الأسئلة والاستفسارات أو يقومون بسرد قصص سمعوا بها أو حدثت معهم شخصياً، وكان ملاحظاً تعطش الأهالي الشديد لمزيد من المعلومات وكأن باباً مغلقا قد فُتح أمامهم ليتحدثوا بما يجول في خواطرهم.

وأوصت أبو سعيد في ختام المشروع الأهالي على الاهتمام بأطفالهم وتوعيتهم بأمور التربية الجنسية والرد على استفساراتهم بطريقة سليمة، وأن يتم تثقيف الأهالي أنفسهم بالأمور الجنسية وأمور التحرش حتى يستطيعوا الرد عليهم، واذا لاحظوا أعراض على الطفل أن يتوجهوا للأخصائيين لمساعدتهم في حل المشاكل.

ومن توصياتها للأطفال بالحذر من الغرباء وفي حال الشعور بخطر أن يصرخوا ويطلبوا المساعدة وان يفرقوا بين اللمسة الحسنة واللمسة السيئة، وان يتحدثوا لأهلهم عن أي موقف تعرضوا له وهم غير مرتاحين له، وعدم كتمان هذه الاسرار سواء للأهل او للمرشدة.

وتابعت: من التوصيات للأخصائيين بالمدارس، العمل على نشر الوعي بالموضوع لدى الطلاب، وكيفية حماية أنفسهم، وبالنسبة لوسائل الاعلام فكانت التوصيات لهم ان يهتموا للموضوع وان يسلطوا الضوء عليه أكثر لنشر الوعي للأهالي.

وختمت منسقة المشروع حديثها بالتأكيد على الحقوقيين أن عليهم مهام كبيرة منها عدم اهمال هذه القضايا والمطالبة بإنزال اشد العقوبات بالمتحرشين بالأطفال لتحقيق غاية الردع.