آلام طفل الرابعة

م. ع. طفل يبلغ الرابعة من عمره، قتل والده خلال الحرب الأخيرة على غزة مما أثر سلبا على حالته النفسية وأصبح انطوائيا ومنعزلا. كان الطفل م. ع. قبل حادثة مقتل أبيه طفلا مليئا بالنشاط دائم الحماس للذهاب إلى الروضة للتعلم واللعب مع أقرانه. ولكن بعد الحرب واستشهاد والده تحول نشاطه وسعادته ومرحه إلى حزن وخوف وانطوائية. ولم تقتصر الآثار على نفسيته فقط فقد نقص وزنه بسبب رفضه لتناول الطعام. ومن خلال نشاطات مشروع الدعم النفسي الاجتماعي لأطفال الرياض وأولياء أمورهم في قطاع غزة قام المركز بعقد جلسات السيكودراما، فكان الطفل م. ع. من بين الأطفال المتواجدين في الجلسات. منذ البداية لاحظت قلة تفاعله وخوفه من الاختلاط بالآخرين. حاولت إشراكه بالنشاطات ولكنه كان مترددا، وعندما بدأ نشاط الرسم قمت بتوزيع الكثير من الألوان والبوسترات البيضاء على الأطفال حتى يرسموا عليها، فسألت المنشطة الطفل م.ع. إن كان يرغب بالمشاركة في هذا النشاط فوافق فأعطيته الألوان وبدأت أراقبه وهو يرسم. رسم الطفل “م.ع.” العديد من الرسومات من بينها طائرات هيلوكبتر وطائرات حربية وصواريخ ورجل في القبر، فاقتربت منه وسألته عن رسوماته فبدأ بالحديث عن حادثة والده، فتحدثت معه وطمأنته أن الحرب قد انتهت وأنه لا داعي للخوف بعد الآن وأن كل الناس يموتون ومن ثم يذهبون إلى مكان أفضل من هذا.وبعد هذا النشاط بدأ الطفل م.ع. بالمشاركة في النشاطات الأخرى وخاصة في عرض الدمى( الأراجوز)وقد ظهرت على وجهه ملامح السعادة والفرح. وفي اليوم التالي حضرت أمه إلى الروضة لأنها لاحظت التغير الايجابي في سلوك ابنها عندما عاد إلى المنزل سعيداً وقد تحدث عن الألعاب التي لعبها وعن عرض الدمى ( الأراجوز ) وفي الجلسة الثانية كان الطفل م.ع. قد اختلط اختلاطاً تاما بالأطفال ومارس كل النشاطات وكان في غاية السعادة، وعندما سألت أمه قالت أنه استيقظ مبكراً وكان متحمساً جداً للذهاب إلى الروضة. في النهاية كان م.ع. وبقية الأطفال في غاية السعادة وسألونا إن كنا سنزورهم مرة أخرى للعب معهم أو لا.