المصالحة الوطنية وذكريات ديسمبر

بقلم: فايز زقوت كثيرةٌ هي الذكريات والنكبات التي سجلها التاريخ الفلسطيني المعاصر، فمنذ أكثر من ستين عاماً هُجر وشُرد شعبنا الفلسطيني قسراً تاركاً أرضه وممتلكاته ليعيش في خيام بمخيمات اللجوء في الوطن والشتات. ويعلن العالم الحر أنذاك في العاشر من ديسمبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وضع مواثيقه وبنوده لينصف شعوب العالم؛ إلا الشعب الفلسطيني الذي ما زال يعاني، وبعدها بيوم واحد صدر قرار 194 الذي يضمن حلاً عادلاً لقضية شعبنا بالعودة لأرضه التي هُجر منها؛ وتستمر نكبته، وفي ديسمبر عام 1987 انتفض الشعب الفلسطيني ليعلن للعالم أجمع أننا شعب كباقي شعوب العالم ولنا قضية عادلة ولا بد من حلها. وفي هذا الشهر قبل عام وبينما الشمس ساطعة في سماء غزة؛ فجأة تحول السطوع إلى غيوم ودخان كثيف ليعلَن عن بدء الحرب على غزة التي حصدت الشجر والحجر والبشر، وتمتلئ الشوارع بالأشلاء الممزقة والبيوت المدمرة ويترك الناس منازلهم وأرضهم ليسجل التاريخ مرة أخرى نكبة ثانية تتزامن مع انقسام الأشقاء لتكون أقسى على قلوبنا من نكبة عام 48. ووضعنا في محكات صعبة وبدأت الوفود واللجان تبحث لنا عن حلول وعدنا إلى الوراء لأيام وذكريات ” لجنة بيل ” التي قال شعبنا في وقتها لبيل ” يمكن على إيديك تحل ” ولكن هيهات هيهات، وتستمر المأساة وتعقد القمم العربية من جديد وتطرح الحلول ليلقوا بنا مرة أخرى في متاهات وقرارات يصعب تنفيذها، فمرة في الدوحة ومرة في الكويت؛ ورصدت المبالغ بالمليارات لإعادة إعمار غزة وندخل من جديد في دوامة الأسئلة الصعبة، لمن تعطى ؟ ومتى وكيف؟ ويبقى حلم ولم يرشح عنه أي بارقة أمل، وتستمر المأساة ويبقى الانقسام مسيطراً ويبقى الوطن شطرين ويبقى الوضع كما هو عليه، ولم تغفر دماء الشهداء ولا الدمار ولا التشريد للساسة وصناع القرار بحدوث تغيير يذكر ويدفع بالمصالحة إلى الأمام، وندخل مرة أخرى في دوامة الأسئلة والحسابات الدقيقة والأحجام ، فيما لو أبرم اتفاق مصالحة هل سيخدم مصلحة حزبي أم لا؟ وكيف وكم؟. وفي نهاية المشوار هل ستتحقق المصالحة الوطنية ويسجل التاريخ انتصارا حقيقياً للأجيال الصاعدة.