ماذا فعلت لتقتلني..عمي أرجوك..لا تقتلني..لا تلقيني في البئر…!!

لم تكن الطالبة الجامعية ،آية إبراهيم براذعية،الشريفة العفيفة صاحبة الاخلاق العالية حسب صديقاتها في الجامعة ، تعلم ان يخطف منها عمها، واحدا وعشرين وردة، ويدمر حياتها ويلقي بها الى بئر مكبلة اليدين والقدمين،حتى توسلاتها لم تشفع لها امام عمها واصدقائه الثلاثة الذين تورطوا معه في قتلها دون تنفيذ فعلتهم النكراء . كانت اية تصرخ: استحلفكم بالله، عمي، عمي..أتركني لأجل الله، ولا تلقي بي داخل البئر..ماذا فعلت لتقتلني.. عمي أرجوك ساعدني..لا تقتلني..لا تقتلني، وألقيت بداخل البئر… “. قال تعالى: ((وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ)) ثلاثة عشر شهراً مرت ولا زال سؤال آية معلقاً بين السماء والأرض، ماذا فعلت لتقتلني يا عمي، حاولنا في “معا” الإجابة على سؤال آية، لتطمئن روحها وترقد بسلام. توجهنا الى مدير شرطة محافظة الخليل، العقيد رمضان عوض، والتقينا به في مكتبه، بدا متأثراً من هول اعترافات عم آية، وصعقتنا التفاصيل التي أدلى بها في اعترافاته لمحققي الشرطة. حاول العقيد مراراً وتكرارً منع نفسه من ذرف الدموع، لكن التفاصيل مؤلمة وقاسية.. يقول العقيد عوض: تقدم إلينا إبراهيم براذعية وزوجته ببلاغ حول اختفاء ابنته آية والتي خرجت من المنزل صبيحة يوم الثلاثاء 2010/4/20، متوجهة الى جامعة الخليل، فتحنا تحقيقاً وأخذنا نحقق في جميع الاحتمالات، ومنها ان تكون قد تعرضت للاختطاف، او هربت من البيت، وقمنا باستدعاء عدة أشخاص وسؤالهم عن آية، وكان بضمنهم شاب من مدينة الخليل، اتهمه والد آية بأنه يعرف مكان آية، قمنا باستدعائه، وتم إيقافه على ذمة التحقيق معه، وأخلي سبيله من المحكمة بعد خمس وثلاثين يوما من توقيفه”. وأضاف: توجهنا بتحقيقاتنا الى داخل اسوار الجامعة، فوجدنا بأنها كانت تدرس اللغة الانجليزية في السنة الثالثة، وتتمتع بعلاقات اجتماعية ممتازة، وعلى خلق عال وتمتاز بثقافة واسعة، وتصرفاتها متزنة، ولا يوجد اي شبهات أخلاقية او أمنية تحوم حولها، وهذا ما حير ضباط التحقيق”. سألنا العقيد، عن هذا الشاب وصلته باختفاء آية؟ فقال: يعتقد إبراهيم والد آية، بأن هذا الشاب والذي تقدم لخطبة آية، بأنه وراء اختفائها، خاصة أنها تحبه ومتعلقة به، وقام بإرسال أكثر من شخص بطلب يدها، لكن العائلة رفضت طلبه، ومن هنا بدأنا، إلا أن الشاب وبعد استجوابه من قبلنا تبين لنا بأنه لا يملك معلومات حول كيفية اختفائها. ومضى العقيد عوض في القول: أخلي سبيل الشاب من المحكمة، ولم تتوقف تحقيقاتنا منذ ذلك التاريخ، حتى وردتنا معلومات يوم الجمعة الماضية، من مصادر خاصة بنا، حول وجود جثة داخل بئر للمياه في منطقة خلة أبو سليمان في بلدة صوريف شمال غرب الخليل، ويقع هذا البئر في منطقة نائية بعيدة عن بلدة صوريف نحو ثلاثة كيلو متر وبجوار جدار الفصل”. وأردف قائلاً: توجهنا للمكان على رأس قوة برفقة النيابة العامة والدفاع المدني لاستخراج الجثة من البئر، وتمت عملية استخراج وتجميع أشلائها ليومين متتالين، من داخل البئر الذي يتسع لما يزيد عن ثلاثين كوبا مكعبا من الماء، وقد تبين لنا من نفس الملابس التي كانت ترتديها يوم اختفائها بحسب وصف والدتها، بأنها آية براذعية، وأيضا تم العثور على حقيبة يد ستاتية وجد بداخلها البطاقة الشخصية لآية، وصورة لشقيقها وهو طالب في أوكرانيا، وصورة أخرى مع بطاقة جامعية لشقيقها الأصغر، عندها تبين للنيابة العامة بأن الجثة تعود للمغدورة آية، وانطلقنا في التحقيق من مسرح الجريمة وتجميع الخيوط وتم توقيف عدد من المشتبه بهم”. تنهد العقيد عوض واعتدل في جلسته مخفياً عينيه وراء رزمة من الأوراق كانت فوق مكتبه، وصرخ قتلها بوحشية، دون رحمة، وبلا شفقة، وقال: قال تعالى في كتابه العزيز: ((وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ))، وأدوها وهي تستحلفهم بالله أن يتركوها….. يقول العقيد: كان من بين الموقوفين عم آية (ع.ب. 37 عاما) وأثناء استجوابه اعترف بأنه قد قتل آية بمساعدة ثلاثة من أصدقائه، وجاء في اعترافات العم” صباح يوم الثلاثاء وبينما كانت متوجهة من منزلها الى جامعتها في الخليل، قمنا بأخذها ووضعها داخل صندوق المركبة التي كانت معي، وعندما بدأ صراخها يعلو، قام أحد رفاقي برشها بمادة الغاز، فأغمي عليها داخل الصندوق، وتوجهت بالمركبة باتجاه خلة أبو سليمان، وأحضرنا حبلا وقمنا بربط آية من رأسها حتى قدميها وهي مغمى عليها وألقيناها في البئر”. “كانت تنبض بالحياة وهي بين أيديهم، وتتنفس، وما ان استفاقت من غيبوبتها، حتى وجدت نفسها مقيدة، وبدأت بالصراخ، كما أفاد القاتل عمها، توسلت لهم كثيرا واستنجدت برب العباد، وسألت عمها لماذا يريد قتلها، لكنه كان مصمماً على قتلها وبمساعدة رفاقه قاموا بإلقائها في البئر”. وقال العقيد عوض: إنني أطالب لجان ومؤسسات المرأة والمدافعين عن حقوق المرأة، عليكم برفع أصواتكم عالياً وعدم السكوت عن هذه الجريمة النكراء، والمطالبة بإنزال أقصى العقوبات بحق المجرمين، ولتكون حكاية آية، آية وعبرة لكل من تسول له نفسه أن يحرم إنساناً من الحياة، وإنني أهيب بالمجتمع الفلسطيني بالابتعاد عن النعرات الطائفية، وعلى رجال الدين من علماء وأئمة تحريم ذلك، وعدم تعليق أفعالهم المدنسة والبشعة على شماعة (شرف العائلة) وأن لا يأخذوا من الدين الإسلامي الحنيف ما ترتضيه أنفسهم، والدين بريء منهم براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام”. وأضاف” إننا في الشرطة سنلاحق هؤلاء الذين يفكرون بهذه العقيلة لننظف مجتمعنا الفلسطيني منهم، أي ذنب فعلته هذه الفتاة حتى يتم قتلها بطريقة وحشية، لمجرد شك عمها بوجود علاقة بين آية وبين الشاب الذي تقدم لخطبتها، وجاءهم من الباب أكثر من مرة، أي عقلية هذه!!..”. تنهد العقيد عوض مدير شرطة محافظة الخليل، وقال :لا زال صدى حديث أمها يتردد في أذناي، حينما عرفت بمقتل طفلتها، وقالت: حرام عليكم، هذه آية البتول، هذه آية الشريفة العفيفة، خطفتوها من بين يدي وقتلت على أيديكم بدم بارد…”. شاءت الاقدار أن ألتقي بعم آية وجها لوجه في مكتب مدير المباحث في محافظة الخليل، الرائد حسن جبارين، وبعد أن علمت هويته، كان بودي أن أسأله، لماذا قتلت آية؟ ولماذا ولماذا؟؟؟ لكن الرائد جبارين، طلب مني عدم توجيه الأسئلة له، حفاظاً على حقوقه، حاولت التحايل عليه ووجهت سؤالي لعم آية، لم قتلت آية؟ لكن الرائد جبارين، طالبه بعدم الاجابة وطلب مني الخروج من الغرفة… قال الله تعالى في محكم تنزيله ((بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ..)) تركت مديرية الشرطة، وبدأت بالتحري والبحث عن الشاب الذي تقدم لخطبة آية وقتلها عمها لاعتقاده بوجود علاقة بينهما، قمت بإجراء بعض الاتصالات هنا وهناك، حتى وصلت اليه، اتصلت به، وطلبت لقائه.. في الطريق لمنزل هذا الشاب والذي رفض أن اعلن عن هويته، اكتشفت من خلال اتصالاتي بأنه قد عقد قرانه مساء يوم الجمعة الماضي، أي في نفس الوقت الذي اكتشفت فيه جثة آية – سبحان الله، جاءته البراءة من الله، واحب أن يكرمه في يوم عقد قرانه على فتاة أخرى-.. وما أن عرف هذا الشاب مني بأن قاتل آية قد اعترف، وهو في انتظار تقديمه للمحاكمة لينال عقابه الذي يستحق، حتى قال: من الذي وكله لقتلها، لماذا لم يأخذها لطبيب، ولماذا عمها الذي يقتلها وليس والدها مع أنني ضد ذلك، من أين اخترع عمها وجود علاقة بيني وبينها، أي عقلية لديه وأي خيال واسع، رحم الله آية واسكنها فسيح جناته، وسامح الله أهلها الذين ماطلوا في عملية قبولي زوجاً لها.. يقول هذا الشاب: هذا ليس بعمها وليس من البشر، هو متوحش، حرام أن يكون مصير إنسانة رقيقة حساسة ناضجة فكريا وثقافياً هذا المصير، الله يرحمها وينتقم من عمها”. ويعود الشاب بذاكرته لقبل عام، حينما تعرف الى آية واعجب بها، فأرسل أمه وشقيقته لبيتها وخطبتها، ولم يصلنا رد عائلتها، فطلبت من بعض الاصدقاء التدخل لدى أهلها لتسريع عملية الخطبة والزواج، فوافق والدها، وبعد ايام عارض شقيقها، وتدخلت عدة شخصيات للإقناع أهلها بالزواج مني، حتى تدخل عمها”. وقبل أن يكمل قصته بادرته بالسؤال، لماذا كنت مصراً على الزواج من آية؟ فقال: حُبي لها.. كنت مصراً على الزواج منها لأني أعجبت بها وأحببتها، كان أهلها يعترضون تارة على فرق السن بيننا، حيث إنني أبلغ من العمر سبع وثلاثين عاما وهي واحد وعشرون، وتارة أخرى بسبب أنني من المدينة، وفي أحيان أخرى بسبب إنتمائي السياسي، وكل هذه الحجج زادت من تصميمي على الزواج بها على سنة الله ورسوله، وللعلم، مر شهر واحد فقط منذ أن تعرفت على آية وحتى اختفت آثارها”. واستذكر الشاب ما حدث بعدة أيام قبل اختفاء آية، فقال: قبل اختفاء آية بثلاثة أيام كانت تتحدث معي عبر الهاتف النقال، وتعرضت للضرب بسبب ذلك من شقيقها، اتصلت بي من هاتف عمها المحمول، واخبرتني بما حدث ولتخبرني بأنها ذاهبة مع عمها الى منطقة العبيدية وكان الوقت ليلاً، أنا لم أر لعمها صورة وجه، تحدث معي عبر النقال، ووعدني بأنه سيساعدني ويساعد آية، فأدخل السرور الى قلبي وقلب آية هذا الحديث، ولم أكن أعلم بأنه يكيد الشرور لنا، وعادت آية الى المنزل، وفي اليوم التالي، طلب عمها ان تذهب معه في جولة في البلد ليلاً، فطلبت من آية بعدم الخروج معه ليلاً حتى ولو كان عمها وسيساعدنا”. لماذا طلبت منها عدم الخروج مع عمها؟ وافقت في البدابة أن تخرج مع عمها بعد أن تحسنت حالتها، على إثر تعرضها للضرب من قبل شقيقها بسبب أنها كانت تتحدث معي عبر الهاتف النقال، لكن في المرة الثانية، لا يوجد هناك سبب يجعلها تخرج من بيتها برفقة عمها ليلا، اذا كان يريد الحديث معها فليفعل ذلك في البيت. وأضاف، في الثالث، يوم اختفائها، اتصلت بي آية لتخبرني بأنها ذاهبة للجامعة، وكان من عادتها ان تتصل بي حينما تخرج من بيتها للجامعة وكذلك حينما تصل الجامعة او حينما تخرج من الجامعة وتصل البيت، مرت نصف ساعة ولم تتصل بي آية، فقمت بالاتصال بها، دون جدوى وبقيت على هذه الحالة اتصل بها، حتى سمعت الرد الآلي، الهاتف الذي تحاول الاتصال به مغلق، اتصلت بشقيقتها وسألتها عن آية، واخبرتها بما حدث، فأخبرتني بانها لا تعلم شيئاً عنها… توجهت لجاري في البيت، الاستاذ أشرف مشعل وهو رئيس نيابة شمال الخليل، وأخبرته بالقصة فطلب مني أن أستأذن والدها قبل عمل أي شيء، وفعلا قمت بالاتصال بوالدها والذي أخبرني بأنه ذاهب للشرطة لتقديم بلاغ حول فقدها، وانا توجهت للاسعاف والطوارئ التابع للهلال الاحمر ولمستشفى الخليل الحكومي وللمستشفى الاهلي ومستشفى الميزان، دون جدوى.. وفي الليل حضر أفراد من المباحث العامة وطلبوا مني الذهاب معهم لمديرية الشرطة، وهناك وجهت لي تهمة اختطاف آية، وبقيت قيد الاعتقال لمدة 35 يوماً تدهور وضعي الصحي فيها كثيرا وأفرجت عني المحكمة بعد توصية من النيابة العامة”. وقال هذا الشاب: تعافيت من الأمراض التي لحقت بي، ورحم الله آية، انا لا أريد أن يعرفني أي شخص، لأنني قد بدأت حياة جديدة ومن حق زوجتي علي أن تعيش معي بطمأنينة وسلام وحب، أخبرتها بما حدث معي سابقاً وهي تفهمت للوضع الذي كنت اعيشه… لم يتمالك هذا الشاب نفسه من البكاء، حينما قال: ظُلمت آية وقتلوها بدم بارد وبوحشية، وظُلمت أنا معها، رحمها الله وأسكنها فسيح جناته…. تحقيق محمد العويوي وكالة معاً الاخبارية