وضاعت حياتي …

كتبت : سمر شاهين
كانت المرة الأولى التي التقى بها… وهي ترتعد خوفا كلما اقتربت منها… حتى بدت كطيرمذبوح يرقص من شدة الالم.. خيل لى للحظة ان هذه الطفلة التي لم تتجاوز الرابعة عشر من عمرها قد تغادر الحياة الدنيا بلا رجعة قبل ان ابادرها بالتحية .. ولكني اثرت الاقتراب رغم ان المشهد كان قاسيا ومؤلما ربما للطفلة اكثر مني فدموعها كانت تزيد من حرقة اللقاء وتفتح شهيتي للاستماع اليها وفي المقابل كانت تكمم من فمها.. لكن الحكاية بدات وكشف المستور عن جريمة ك مروعة..و سببها الاول غياب التربية والابتعاد عن التعاليم الدينية اما السبب الثاني فانها النفوس المريضة التي استباحت كل شئ حتى الاعتداء على اقرب المقربين .
جلست بجسدها الصغير المرتجف بجواري وقد خانها الصوت مرات كثيرة قبل أن تتمكن من التحدث لتقول:” بداية الحكاية كانت بعد منتصف الليل بقليل حينما جاء ذلك المدعو “اخي” الذي يكبرني بعامين وربما اكثر من ذلك بايام ، كنت لحظتها غارقة في النوم بالقرب من باب الغرفة وباقي اخواني في داخلها حيث ارتدي “تنورة” وبنطال وقميص – فصل الشتاء- وشعرت بان هناك شئ ما يحاول خنقى وحينما فتحت عيناي فاذا به وبادرته ماذا تفعل ولكنه كان اقوى مني حيث عمل على تكيمي بقطعة من القماش وربطي بحبل وانا في حالة من الصدمة والذهول لم ادرك لحظتها ما الذي فعله اخي لم اعي ما الذي اصابني كنت اعتقد ان لا شئ حدث ولكن هيهات فالحيوان الكامن داخله كان اقوى من انسانيته” هكذا روت لي ” وردة”- اسم اخترته لها لانها كانت وردة اصابها الموت قبل ان ترى النور- قصتها من داخل اقبية سجن غزة.
وبلا شك فان شدة التأثيرات النفسية على النساء اللواتي تعرضن إلى اعتداءات جنسية وخصوصاً في مراحل طفولتهن.. هي أكثر خطورة إذا كان الاعتداء من ذي ثقة، وقريب للضحية .
وقد اوصي الله عز وجل بصلة الرحم، والعطف على النساء وعمل كل ما هو طيب من أجل ذوي القربي، حيث كانت هناك توصيات جليلة في كل الكتب السماوية، ولكن أن تنهك الأعراض، وتغتصب المحرمات، فهذا فوق تحمل كل البشر.
ويعرف سفاح القربى قانونياً بأنه أي إساءة جنسية ترتكب بحق قاصر على يد أحد أفراد أسرته أو أقربائه كما ويعرف أيضاً بقتل الروح لأن المعتدي في هذه الحالة هو من يفترض به تأمين حماية الطفل ورعاية الأسرة.
ويصنف قانون العقوبات في الوطن العربي هذه الجريمة تحت عنوان الجرائم المخلة بآداب الأسرة و يشتـــرط لملاحقـــة المجرم والادعاء عليه تقديم شكوى من الضحية أو أحد الأقرباء باستثناء حالة حدوث فضيحة حيث تباشر الملاحقة دون حاجة الى تقديم شكوى.
لعل قصة وردة واحدة من مئات القصص التي بقيت حبيسة الجدران والضحية هي المراة في كل الاحوال وذنبها الوحيد انها اذا ما تكلمت فان العائلة ستصاب بوصمة العار لذى فان قتلها او تزويجها بمن يكبر جدها هو الحل.
الهمس به- سفاح القربى- من قبل المؤسسات المعنية الرسمية منها أو غير الرسمية سواء كان بدافع التقليل من حجمه ، أو لاعتبارات مفرطة في تحفظها تهدف إلى المحافظة على مثالية الشكل العام, وإبقاء التداول في إطار الوشوشة سيؤدي إلى إبقاء الضحية خرساء تلف نفسها بالصمت معتقدة بأنها الوحيدة من بين خلق الله المنفردة بالمشكلة.
لا يمكن لنا ان ننصب انفسنا قضاه او حكاما على هذا المجرم البذيْ وأمثاله، ولم نقل يوما انه يجب أن يندى جبين العالم لهذه الجريمة.. بل يجب أن يشعر العالم بالقرف والغثيان من هول هذه الجريمة.. والسؤال المطروح هنا هل سفاح القربى، وقصة (وردة) هي الوحيدة في مجتمعنا ؟! وما هو حجم هذه الجريمة ؟
النساء هن من أوصى بهن رب العباد خير.. فيجب أن نستمتع كثيراً في رحمتهن، والعطف عليهن وتقديم الخير لهن وإبعاد الشر والأذى عنهن، فما أجمل من أن يستمتع الأب والعم وهو يزوج ابنته من رجل ترضاه وتحبه، وما أجملها من لحظة تسليم الخال بنت الأخت إلى عريسها؟! فكيف يذبح أقرب الناس ابنتهم بالاغتصاب دون أي ذنب؟! ولماذا؟!