” سفاح القربى” جريمة يجب أن يعاقب عليها الشرع والقانون

نابلس/زين عسقلان
” كل ما اقترفته أني كنت أنثى وليس ذكرا, انه وحش وليس أخي” تلك كانت كلمات الضحية م.س والتي كانت ضحية مراهقة وعبث أخيها الذي قام باغتصابها ومارس عليها وحشيته سالبا إياها عذريتها بين يوم وليلة ومحولا اياها الى كتلة من اليأس والإحباط ملقاة على قارعة الزمن فلا من سامع لصراخها الذي انطلق متمردا على جرحها وألمها ولا من ملب لندائها.. الضحية التي أخذت تسرد القصة على مسمعي بقوة واندفاع لم تترك لي مجالا إلا أن أخطها بقلمي على مساحة مكتوبة لتكون عبرة لأصحاب القيم المنهارة والقلوب الصدئة, فتقول:” أشعر أن من حق الجميع أن يعرف ماذا يجري, وعندما يثار النقاش معي حول هذا الموضوع فإني أشعر بحقد يملؤني تجاه أخي الأكبر وأتمنى موته ولكن عندما استقر فكريا أبدا بالتفكير في لو أنه شعور صعب للغاية يتصارع فيه حبي للمسمى أخي من ناحية وما قام يفعله من ناحية أخرى،غالبا ما تدمع عيناي قبل أن أنتهي من تلك العاصفة المليئة بالأفكار المتخبطة،فأنا لا أحبه كما كان بالأمس وأيضا لا أستطيع أن أكرهه.
وتتابع الضحية التي فتحت أبواب روحها لينطلق صوتها هاربا:كان أخي يسافر كثيرا وعندما يعود كان يستغل لحظات اشتياقه لنل ويبدأ بلمساته واحتضاناته..في البداية كنت أرى ذلك بالأمر العادي فهو أخي،لكن في ذات ليلة وأنا نائمة وحدي في غرفتي وليس من عادتي إقفال الباب بالمفتاح،دخل أخي على الغرفة وبدأ بلمس جسدي وأنا نائمة فارتعدت واستيقظت وصدمت به ولم أستطع مقاومته فقد فعل ما فعل وحلت على رأسي المصيبة الكبرى في حياتي”. وحين قمت بسؤالها عن شعورها تجاه ما حدث،ردت:”لا أستطيع أن أصف مشاعري حتى إن فعلت فلن أكون صادقة أو دقيقة فمشاعري اختلطت بين خوفي الشديد من كل من هم حولي خاصة أخي_والأسف والوحدة والرعب(وكأني رح أموت)كنت أخجل من ذكر الموضوع،لم أكن أتحدث لأخي أو حتى أنظر إليه بعد تلك الليلة المشئومة وهو لم يحاول الحديث معي أو النظر في وجهي وخوفا من الفضيحة قررت اخفاء الموضوع حتى جاء يوم لم اكن اتوقعه عندما اتى لزيارتنا من يريدون خطبتي, وعندما دخلت أعجبوا بي كثيرا وقرروا خطبتي لابنهم ورأى الأهل بأنه عريس لقطة, خاصة وأنني لم اكن أحب التعليم ولم أتم تعليمي المدرسي وعندما وافق الاهل على مشروع الخطبة وحددوا موعد عقد الزواج فوجئوا برفضي حيث كانت تلك المرة الوحيدة التي يرون فيها جرأتي, فقد كنت خجولة جدا وأخاف من خيالي, وعنمدما أصر الأهل على العريس أخبرتهم بالحقيقة, وكانت تلك الحقيقة بمثابة صاعقة نزلت على رؤوسهم الذين بدأوا بالصراخ والضرب المبرح لي, وكان منهم اخي الذي أخذ بالضرب على رأسي وكأنه يتمنى أن اموت حتى عجزت عن الكلام أو الصراخ ولم اعلم ما حصل بعدها الا انني فوجئت بنفسي ملقاة على سرير المشفى.”

حصانة الذكور
وما نأسف عليه أن الجاني هنا لم يعاقب العقاب اللازم لكونه ذكرا على حد قول الضحية التي انفجرت بالبكاء:” لم يفعل أهلي أي شيء لمعاقبة أخي بل فوجئت أمي بان دلوعها الوحيد ارتكب فعلا فادحا كهذا مع اخته, ولم تقم سوى بشتمه اما ابي فقد قام بطرده خارج البيت ومن ثم قام بتأمين عمل له في الخارج في بلد عربي, وسافر على الفور مخلفا لي كارثة افقدتني مستقبلي وجعلتني احقد على كل جنس ادم لان احدا لم يوجه له الاتهام وعدا عن ذلك ومنذ الصغر كان الذي يسمونه اخي يحظى بمصروف يفوق مصروفي انا واختي الكبرى ولم يكن احد يسأله عن اسباب تأخره ليلا ولا يعلم أحد شيئا عن أصدقائه وأخلاقهم حتى انني ما زلت أذكر انه بدأ بالتدخين وهو صغير, وكان اعمامي يساعدونه على التدخين خفية.”

ورغبة في دفن العار وقتل الفضيحة حاول اهل الضحية قتلها مرارا مما دعاها للهروب من البيت واللجوء الى احدى الجهات المعنية لانهاء هذه الأزمة وأقامت بعيدا عن اهلها الذين لم تعد تعرف عنهم أي شيء.
وتبعا لاختلاف طرق الاغتصاب والاعتداء الجنسي فقد قام جد احدى الضحايا باغتصاب حفيدته حينما كانت تنام الى جانبه بعد ان سافر ذووها لعلاج ابيها في الخارج, وقام بسلب عذريتها وهددها بالقتل إن أخبرت أحدا إلا أن الضحية كانت فتاة جامعية متفوقة وفي السنة الثانية من دراستها قامت بالانتحار, وكان ذلك بإلقاء نفسها من مكان مرتفع.
والضحية س.د والتي تقطن إحدى القرى, قام أبوها بالاعتداء عليها أثناء خروج امها من المنزل وعندما أخبرت أمها بالموضوع قام الأب والأم بقتل الفتاة مباشرة.

السفاح.. جريمة مركبة
تعد قضية الاغتصاب من القضايا الشائكة التي تحمل بين ثناياها الكثير من معاني الشدة والقهر وسلب الذات والشرف, وتترك آثارا تكاد تكون مدمرة من ناحية جسمية أولا ومن ثم النفسية والاجتماعية على اختلاف أنواعها فمنها ظاهرة اغتصاب الذكور للإناث وظاهرة الاغتصاب أمست جريمة لا يغفر لها القانون او أية شريعة سماوية, حيث تعد امتدادا للتخلف الفكري والاضطراب المجتمعي الذي واجهته المجتمعات منذ القدم, حيث وفي اثناء الحروب قديما كانت الجيوش المنتصرة تقوم بنهب وسرق واغتصاب نساء الجيوش المهزومة بلا رحمة او شفقة ودونما احترام لانسانية الانثى بل بامتهان لكرامتها ومكانتها حتى جاء الاسلام ومن قبله الديانات السماوية الأخرى محرما الاغتصاب ومقيما الحد على مرتكب الجريمة, ومنزلا به أشد العقوبات إلا أن المجتمعات وعلى اختلاف أقاليمها ورقيها تكاد لا تخلو من مرضى النفوس ومعقدي التفكير الذين لا يفكرون الا برغباتهم الذليلة والحيوانية, فانهال عليهم حطام النفس وأسدلوا امام ناظرهم ستارا من الهوان والجشع فلم يبصروا طريق الصلاح.
مما يدعو الى الأسف والاشمئزاز في ان واحد أن تصبح المعتقدات ضائعة والأخلاق مبعثرة والقيم قد انتهت مدة صلاحيتها فلم تعد سارية المفعول, فتقود البعض الى ارتكاب ما يسمى ب “سفاح القربى” حيث هنا لا يقوم المرتكب بالجريمة بالاعتداء على أي احد, وانما يقوم بالاعتداء على احد من محارمه فهي جريمة اخلاقية حيث يقوم احد افراد العائلة من الذكور كالاب او الأخ او الجد..الخ بالاعتداء على احد محارمه من الاناث جنسيا أو التحرش بها, فمنهم من يقوم بالاعتداء على ابنته أو أخته أو احيانا الام او الحفيدة ومن هنا يقول الدكتور ماهر ابو زنط من قسم الاجتماع في جامعة النجاح الوطنية:” إن جريمة السفاح هي من احد الجرائم الخفية والتي يصعب تحديد نسبتها في المجتمع وان كانت بالقليلة الحدوث, مقارنة بالجرائم الأخرى وكالقتل والسرقة والاغتصاب, الا أن وجود حالة واحدة وجريمة واحدة بالمجتمع يعد مؤشرا خطيرا جدا.”

العوامل الدافعة لارتكاب جريمة السفاح
ويضيف د.أبو زنط:”هناك الكثير من العوامل الدافعة لارتكاب مثل هذه الجريمة حيث من الممكن أن تأتي هذه العوامل منفردة أو مجتمعة, وعلى رأسها العامل النفسي والذي قد ينتج من خلل سيكولوجي فكري عند أحد الأشخاص فيثير فيه البحث عن هذا الجانب كالاثارة الجنسية او الخلل الناتج عن الرغبة في الممارسة الجنسية بطريقة غير مشروعة وغير صحيحة, وتعد نوعا من الشذوذ او نوعا من الخلل الوظيفي في الدماغ والنفس فيبحث عن اقرب ضحية تشبع له رغبته الحيوانية دونما تفكير بما سينتج عن ذلك, وهناك من مر بظروف قاهرة بفترة طفولته فولدت لديه ضغطا نفسيا وأصبح من الصعب التخلص منه مع مرور الزمن الا بطريقة سيئة وغير مشروعة فيلجأ الى الطريق الخاطئ تلبية لحاجاته, والعامل الاخر هو العامل الاخلاقي حيث ضعف الوازع الديني والاخلاقي والقيمي لدى الشخص يؤدي به الى عدم القدرة على ضبط العلاقات الأسرية فتصبح بمنظوره المحرمة عليه شرعا مححلة له, وهذا ينتج ايضا من سوء التربية الأسرية ومصاحبة أقران السوء وعدم محاسبة الأهل لابنائهم وعدم مراقبتهم.
وثمة عوامل اجتماعية اخرى تدفع الشخص لارتكاب جريمة السفاح ويتابع د.أبو زنط:” كالخلل في الزواج لدى الشخص المتزوج تدفع به الى الاغتصاب كأن يمارس الاب الزنا مع ابنته وهذا الاب قد يكون متزوجا لكن هناك فرق بالسن بينه وبين الام وبالتالي يبحث عن بديل يمارس الجنس معه او قد يعاني من عدم الاشباع الجنسي من الزوجة فيبحث عن اقرب ضحية له, والسبب الاجتماعي الثاني هو ضعف الضحية خاصة ان كانت صغيرة بالسن فيقوم المعتدي باستغلال ضعفها وخوفها وقلة خبرتها في الحياة ولربما يصل به الحد الى ممارسة الجنس معها تحت التهديد, والعامل الثالث هو مرتبط بالعامل السكاني بالذات لمن يعيشون في مناطق اكتظاظ سكاني كأن يعيش الاب والام والاولاد في غرفة واحدة تبعا لسوء اوضاعهم الاقتصادية وهذا ما يحدث نوعا من الاثارة اذا مارس الاب مثلا مع ابنته فيكون ذلك بسبب مقدمات كأن يشاهدها وهي تغير ملابسها او اثناء الاستحمام أو شبه التعري.”
وأيضا فإن قلة الوعي لدى الأسر بأهمية فصل أبنائهم الذكور عن الإناث في غرف النوم أو الأسرة يعد أحد العوامل الرئيسية, فما أن يصل كلا الذكر والأنثى إلى مرحلة البلوغ وبالتالي مرحلة المراهقة ينتقل كلاهما إلى مرحلة فكرية جديدة قد لا يراعيها الأهل ومن هنا فقد حث الرسول الكريم على أهمية الفصل بينهم في المضاجع فقال:” وفرقوا بينهم في المضاجع.”
وكثرة أوقات الفراغ والتي يستغلها الكثير من الأبناء بمشاهدة الفضائيات التي فيها تحريك للشهوة الجنسية بل والتي تعد من إحدى وسائل الإثارة وخاصة لدى الشباب, فمنها وسائل الإعلام المرئي والمقروء وأيضا المواقع العديدة على الشبكة الالكترونية” الانترنت” التي تختص بمثل هذه الجوانب والتي يشاهدها الكثير منهم دون علم الأهل فتفرز سمها في أنفسهم فيبدؤون إما بتقليد ما يشاهدون أمامهم أو بالبحث عن ضحية قريبة يمارسون معها الرذيلة, ليجعلوا منها إنسانا عاجزا قتلت بداخله اقل مقومات الحياة.

الآثار المترتبة على الضحية
إن للسفاح آثار مدمرة ويشير إلى ذلك السيد احمد أبو عايش مدير المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات حيث يقول:”هي بمثابة هدم كامل أو شبه كامل لشخصية المعتدى عليها,ويترتب على هذا أمور كثيرة جدا فالفتاة عندما يمارس عليها السفاح يتولد عليها نوع من العقد النفسية العميقة وخاصة أنها تدرك أنها لا يمكن أن تتزوج ومنهم من تلجأ إلى الانتحار أو التخلص من الجنين في حال كان هناك حمل خوفا من الفضيحة, وليس هذا وحسب بل يمتد ذلك إلى إمراض نفسية كالاكتئاب والخوف الشديد الملازم للضحية والانطواء وصعوبة الاختلاط مع الآخرين حيث لا تستطيع الكلام ولا تستطيع الشكوى.”
ويضيف:” يصبح من الصعب إعادة بناء الذات من جديد لان المعتدى عليها تشعر بعد الرضا عن نفسها ولا تشعر بأي احترام تجاه نفسها وكرامتها التي قام أحدهم بتشويهها إرضاء لنزوة شريرة, بالتالي هذا يخلق لديها شعور عظيم بالنقص والذنب حتى لو مورس ذلك معها تحت الضغط والتهديد, وأيضا يصعب على الضحية أن تكسر ذلك الحاجز المتين بينها وبين المجتمع.”
وعدا عن ذلك فإن قدرتها على الإنتاج والتنمية في المجتمع تتأثر ويصبح من المستحيل أن تقوم بأي عمل مثمر ينتزعها من جدران الصمت التي تحيط بها من كل جانب خاصة وان شعورها بأن المجتمع غير منصف لها اخذ بالتزايد فليس هناك من يأخذ بحقها ويحميها حتى لو كان القانون أو الأهل أو الجاني لا يعاقب العقوبة المناسبة فيؤدي هذا إلى تنامي الشعور بالذنب والحقد على المجتمع فتعود فتقتل نفسها أو تقتل الجاني..فتقع العائلة على مفترق طرق, فهل هي أمام عار وفضيحة أم أن هناك ضحية؟

قتل أم تأهيل؟
الضحية بحاجة إلى تأهيل وإرشاد نفسي واجتماعي حيث يتم التأهيل النفسي عن طريق دعم وإعادة ترتيب نفسية الضحية وإعادة ثقتها بذاتها وتوعيتها لمثل هذه الجرائم, ويكون ذلك عن طريق الأخصائيين والأخصائيات يعملون في مجال الدعم والإرشاد النفسي.
أما عن مجال الدعم الاجتماعي فيتحدث أبو عايش:” يتم إرشاد الضحية إلى كيفية اللجوء إلى القانون وكيف تحصل على حقها قانونيا إن كان ذلك بالإمكان ويتم بناء حياتها الاجتماعية من جديد والعمل على دمجها في المجتمع تدريجيا وذلك عن طريق توفير عمل بسيط لها يكفل لها العيش بأمان دون مضايقة الأهل لها ومن الممكن أيضا حماية الضحية عن طريق إيوائها في البيوت التي تدعى في البيوت الآمنة لحمايتها من القتل ومتابعتها نفسيا وقانونيا من قبل مراكز تختص بهذا المجال.”
وان ازدادت حالة الضحية سوءا فيتم وفي حالات نادرة إحالتها إلى طبيب للعلاج وفي هذا يقول احد الأطباء الذين قاموا بمعالجة إحدى الحالات:” أحيانا تكون حالة الضحية سيئة جدا ولا يمكن تهدئتها وإعادتها إلى وضعها الطبيعي إلا بعلاجها بالأدوية, وتلك هي حالات نادرة حيث أن الضحية والتي تصبح مريضة بحاجة إلى تفريغ مستمر لما يجول في خاطرها لتساعد نفسها على الشفاء, وفي حال لم تستطع التفريغ فإنها تصاب بأمراض نفسية يصعب علاجها إلا بالأدوية والتي تكون آخر ما نلجأ إليه في مثل هذه الحالة.”

عار أم ظلم؟
الفتاة العربية بشكل عام تخجل من الشكوى خوفا من الفضيحة عندما تغتصب أو يتم استغلالها جنسيا فتفضل السكوت على أن تومئ حتى لنفسها بما حدث وطبيعة المجتمع الشرقي للأسف لا تساعد على حماية الفتاة واعتبارها ضحية بل تعتبر ذلك عارا وفضيحة, فالكثير من العائلات تعمل على قتل الضحية وان مورس عليها ذلك العمل الإجرامي تحت طائلة التهديد ولا تقوم بمعاقبة الجاني أو النيل منه.
وفي هذا يضيف أبو عايش:” لا شك أن الضحية تتدمر بشكل كامل إن لم يتم تأهيلها اجتماعيا ونفسيا خاصة وأنها تعاني من نظرة سلبية لوضعها من الأهل والمجتمع وهذا مؤشر خطير جدا لان الضحية لا يعقل أن تتحول إلى مجرمة بنظر العائلة والأقارب وفي كثير من الأحيان يعتبرها الأهل السبب حتى لو لم تكن هي السبب.”
ومن الجدير بالذكر أن المجتمع الشرقي هو بطبيعته مجتمع ذكوري أبوي فالذكر هو رب الأسرة وهو الحاكم وهو الذي يدير تفاصيل الحياة الاجتماعية داخل الأسرة, وطبيعة حياة الذكر ليست محدودة فباستطاعته أن يتحرك أينما شاء وان يفعل ما يريد بالتالي هو صاحب القرار أما الأنثى فهي كما يعتقد الكثيرون أنها ضلع قاصر ما عليه سوى الطاعة وقول “حاضر”, وحياتها محدودة ومقيدة بقيود يفرضها المجتمع والتقاليد أكثر من الدين, وبالرغم من تطور المجتمعات ومواكبتها لتطورات العصر إلا أن بعض العادات والتقاليد ما زالت تفتك بنا وتضع نصلها على رقابنا فقضية السفاح تحولت في أيامنا هذه إلى قضية عشائرية وأسرية باعتبار النتائج السلبية للسفاح تظهر على الفتاة أكثر من الرجل.

الحد من الجريمة
ويعقب د. أبو زنط:” يجب تغيير النظرة تجاه الفتاة أو الأنثى بشكل عام وان يكون هناك أيضا عقوبة كبيرة جدا على الجاني سواء كان ذلك بفرض القانون أو العقاب اللازم وأن يستمد القانون من الشريعة الإسلامية حيث أن الإسلام أقام الحد على مرتكب الزنا, وعد هذه الجريمة من الكبائر, ويجب العمل على نشر التوعية بين أفراد المجتمع وخاصة التوعية لأهمية عملية الفصل داخل الأسرة الواحدة بالذات لمن يعيشون في مناطق الاكتظاظ السكاني لأن جريمة السفاح جريمة آخذة بالتزايد في المجتمع وهذا لا ينذر إلا بخطر يهدد مستقبل الأمة وشبابها.”

وللحد من الجريمة يجب خلق توعية أخلاقية وقيمية, وقانونية لدى الأفراد وأيضا توعية بأساليب الحماية الذاتية وأيضا العمل على تدريب مؤسسات إنفاذ القانون”الشرطة وغيرها”, في كيفية التعامل مع هذه الحالات وتدريب الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في كيفية التعامل مع الضحايا والتركيز على أهمية الوازع الديني داخل كل أسرة, والعمل على تثقيف من هم في سن الشباب من جميع النواحي الاجتماعية.

القانون والعقاب
القوانين المتبعة حاليا تجاه قضية السفاح هي قوانين لا تعبر عن مجتمع فلسطيني نظرا لأنها قوانين قديمة غير مكتوبة بأيد فلسطينية فمنها قوانين أردنية ومصرية وسورية, وهي لا تنصف الضحية بشكل كامل حيث أنها لا تكفل للضحية الحماية بشكل كامل, لذا يلجأ الكثيرون لحل المشكلة بشكل عائلي أو عشائري فضلا عن التوجه للقانون,ويقول المحامي أشرف حنني:” تنص المادة 285 من قانون العقوبات الأردني والمعمول به حاليا على أن السفاح بين الأصول والفروع سواء أكانوا شرعيين أو غير شرعيين وبين الأشقاء والشقيقات والإخوة والأخوات لأب أو لأم أو من هم في منزلتهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن أربع سنوات. وان السفاح بين شخص وشخص آخر خاضع لسلطته الشرعية أو القانونية أو الفعلية يعاقب مرتكبه بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن خمس سنوات, وبحسب المادة 286 أيضا من قانون العقوبات الأردني فإن السفاح الموصوف في المادة السابقة يلاحق بناء على شكوى قريب أو صهر احد المجرمين حتى الدرجة الرابعة.”
وفي كثير من الحالات والتي يصاحبها حمل تختفي الفتاة أو تهرب من البيت لحين التخلص من الجنين اتقاء للعار وفي هذا المجال أيضاً تعاقب المرأة أو الفتاة بعقوبة هي الاعتقال لمدة لا تنقص عن خمس سنوات ولا تزيد عن خمسة عشر عاما.

لا بد من كلمة
يقول تعالى:” وإذا الموءودة سئلت, بأي ذنب قتلت “, فقتل الأصول أو الفروع بدرجة معينة هو جريمة ضد الطبيعة قبل أن تكون جريمة ضد القانون فمن يرتكب جريمة ضد ابنته أو أخته أو حفيدته أو أمه, بعد أن يكون قد قام باغتصابها إنما يرتكب جريمة بشعة محرمة عند الله ومن يفعل ذلك فهو مجرم جاحد عند الله جل وعلا لان هذا يتضمن تنكرا لأعمق الوشائج وأقوى الأواصر ويعد خرقا لحرمة المشاعر الإنسانية فحنان الأصل نحو الفرع فيها انعدم وولاء الفرع نحو الأصل تلاشى.
ولأننا لا نحمل في داخلنا سوى كلمات بسيطة نغلفها بكل العفوية ونقدمها كدعم معنوي إنساني لمت تتعرض لجريمة كهذه, فالحياة أمامها والانهيار أمام هذه الجريمة لا يجد نفعا بل هناك من يريد مساعدتها على كسر حاجز الصمت وهناك من يمد إليها سلم النجاة وهي في عرض البحر, والبيوت الآمنة ما تزال موجودة لحمايتها من ذل وقسوة المجتمع الشرقي لأن الإسلام أوجب على الأسرة والمجتمع إعطاء المرأة حقها والعمل على حمايتها, وليس العكس وفي هذا عبر الشاعر العربي بقوله: وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند.