نظرة قانونية حول الاستغلال الجنسي للآطفال

الاستغلال أو التحرش الجنسي بالأطفال جريمة تصطدم بالفطرة الطبيعية السليمة للانسان جريمة في غاية القسوة والعنفوان ، ومن الصعب تصديق أن مثل هذه الأفعال تحدث في مجتمعنا المحاافظ .
والاعتداء الجنسي على الطفل هو استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية من قبل شخص بالغ أو مراهق، وهو يشمل تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك جنسي ويتضمن غالبا التحرش الجنسي افعال واقوال واشارات وايماءات ذات مضمون جنسي وكذلك من قبيل ملامسته او حمله على ملامسة المتحرش جنسيا، أو تعليمه على ممارسات جنسية.

ولما كانت آثر هذه الجرايمة لا تتوقف على مجرد الاعتداء الجسدي بل تمتد لتترك آثار نفسية معقدة بالاضافة إلى آثار مجتمعية سلبية عواقبها وخيمة ، كآن لزاماً على التشريعات المختلفة التصدي لمثل هذه الجرائم فمن ناحية التشريعات الدولية اتفاقية حقوق الطفل عام 1989 التي تطرقت إلى موضوع حماية الطفل من الاستغلال الجنسي بصورة واضحة ثم جاءى اتفاقية ستوكهولم عام1996 أكدت على ضرورة حماية الطفل من التجارة الجنسية .
أما التشريعات الفلسطينية : فقد اشتمل القانون مواد تستوجب حماية الأطفال من الاستغلال حيث نص القانون الأساسي ، وقانون الطفل الفلسطيني على حق الطفل بالحماية من أي استغلال بدني أو معنوي أو جنسي ،
ومن ناحية الحساب والمساءلة فقد أورد المشرع في قانون العقوبات لمن يقوم بافتعال “اعتداء جنسي ،
مادة 152
كل من :
ج) واقع ولداً دون الست عشر سنة من العمر مواقعة غير مشروعة أو لاط به
يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس مدة أربع عشر سنة.

المادة 159
الأفعال المنافية للحياء مع الأولاد
كل من ارتكب فعلاً منافياً للحياء مع شخص دون الست عشرة سنة من العمر، يعتبر أنه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة ثلاث سنوات
المادة 168
التلميحات المنافية للحياء
كل من وجه إشارة أو تلميحاً منافياً للحياء إلى شخص لم يبلغ ست عشرة سنة من العمر أو إلى أنثى، يعتبر أنه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة شهر واحد

ولكن بالنظر الى ما ورد من نصوص في القانون لفلسطيني نرى أنها لم تتطرق بشكل واضح لجريمة التحرش الجنسي بالأطفال بحد ذاتها ، اضافة إلى أن العقوبات لا تتناسب مع حجم خطورة الجريمة هذا إضافة الى مشكلة التطبيق التي تكمن في صك المصالحة والغفران الذي يعطي من قبل أهل المجني عليه (الطفل) أو سكوت وتكم الأهل عن الجريمة .
-أما عن إثبات الجريمة بحد ذاتها إذا ما وقعت خاصة على الطفل، وربما يكون من الصعب اكتشاف أو كشف مثل هذه الجرائم بسهولة ، وذلك بسبب خوف الطفل من البوح بما حدث له لأسرته ، إذ يكون الاعتداء عادة مصحوباً بتهديد يخشى فيه الطفل على نفسه أو على أحد أفراد أسرته كما وأن تردد الأسرة في الإبلاغ عما حدث لابنها خوفاً على سمعتها أحد الأسباب الداعية لعدم كشف النقاب عن مثل هذه القضايا. وبذلك هناك صعوبات كثيرة تواجه المحقق وعضو النيابة العامة لإثبات وقوع الجريمة ، إذ أن أقوال الطفل في هذه الحالة تكون على سبيل الاستئناس ولا تعد دليلاً دامغاً في الإثبات، وكذلك ففي بعض الأحيان يكون الإبلاغ من قبل الأهل له أهداف أخرى كمحاولة إلصاق التهم جزافاً بمن اعتدى عليهم بالقول مثلاً عندما يقوم الأب الطفل باتهام عائلة أم الطفل بالاعتداء الجنسي على طفلته للانتقام من طليقته أو لحرمان طليقته من حضانة أولاده !.

لذلك فإن هذه الجريمة ما زالت تمثل مشكلة حقيقة عواقبها وخيمة ، وإثباتها في كل الأحوال صعب ما لم يصل إلى حد الاغتصاب إذ تظهر آثاره ، واثباته بالوسائل العلمية الحديثة حال الوصول إلى المشتبه بهم . ومن هنا نوصي بضرورة نشر الوعي بين الأهالي لاتخاذ اجراء قانوني عند حدوث اعتداء على أطفالهم يبدأ بالتبليغ لأقرب مركز شرطة ، ولهذا دور مهم جدا لعلاج الطفل نفسي، أيضا رفض الأحكام المخففة عند وجود صلح بين العائلتين وذلك لسبب مهم جدا أن الحكم الصادر هو رادعا وعبرة للناس وبخاصة ان الصلح لا يتم بموافقة الطفل لصغر سنه بل موافقة والديه. كما ونحتاج الى تطوير قانوني معالج رادع لمثل هذه القضايا والجرائم يواكب العصر الحديث ومحدثاته.

محامي مشروع بيئة حامية للأطفال من الاستغلال الجنسي
المحامية /رنا نافذ المدهون