طفلتي لا تتوقف عن الأسئلة

بقلم الأخصائي سائد السرساوي

التربية تحتاج منا إلى كثير منَ الاهتمام؛ فبالتربية نصنع جِيل الغد، وما أَصْعَبَها من مسؤولية أن يكون لنا دور في صناعة الإنسان! وأن تبقى بصماتنا واضحةً على شخصيته، تَكْبُرُ معه وتنمو حتى تلازمه في حباته ويكون لها أثر على ثقته ونفسيته وانطلاقته بالمستقبل

السنوات الأولى من عمر الطفل مهمَّة جدًّا، عكسَ ما يعتقد البعض، ولها الأثر الأكبر في تكوين شخصيته بالغد، يبدو طفلُكِ عاطفيًّا، وهذا يعني أنَّه يحتاج منك إلى المزيد منَ الاهتمام؛ لتدربيه على التعامل مع عواطفه بذكاء، دون أن يَكْبِتَها أو يخجل منها.

ويبدأ الطفل بمجرد تعلمه الكلام أن يطرح الأسئلة على للوالدين أو المحيطين به. وهي أسئلة غالبا ما تتوجه إلى إشباع حب الاستطلاع المتأصل فيه، غير أنها من بعد ومع استمراره في النمو تدفع إليها دوافع أخرى بخلاف حب الاستطلاع، فقد يسأل ليستطيع أن تكون له علاقات بالآخرين أو ليلفت إليه الانتباه أو ليتحصل له الاطمئنان أو ليمارس الكلام أو ليضايق البعض طالما أن كثرة الأسئلة تزعجهم وهو يريد ذلك تعبيرا عن السخط أو الإحباط أو الكراهية.
والأوفق أن نجيب على أسئلة الأطفال حتى لو كانت لدينا الإحساس أنها تصدر عن دافع آخر خلاف حب الاستطلاع أو حب المعرفة، وذلك لأن عدم الرد على الطفل أو نهره كلما طرح سؤالا يجعله ينكص عن أن يسأل أبدا فنحرمه من وسيلة هامة لتحقيق التعلم. ويبدأ سن الأسئلة questioning age في نحو الثالثة ويصل إلى ذروته في نحو السادسة. ويشكل عدد الأسئلة نسبة كبيرة مما يتحدث به الطفل، ويرى علماء النفس أن أسئلة الطفل تتراوح بين 20% إلى 25% من متوسط ما ينطق به.
ولا ينبغي أن ننسى أن آدم عليه السلام عندما خلقه الله علمه الأسماء حيث يمثل آدم الإنسانية في طورها الأول الطفولى. وما يطرحه الطفل من أسئلة حتى الثانية عشرة تقريبا يتعلق أغلبه أو نحو 85% منه بمواقف حاضرة أكثر منها مواقف ماضية من الذاكرة. ويحب الأطفال الذكور أن يسألوا عن التفسيرات السببية، بينما يميل الأطفال الإناث إلى الأسئلة التي مضمونها العلاقات الاجتماعية.

ولكل أنواع الأسئلة دورها في تكوين مفاهيم الطفل، وينبغي أن تكون الإجابات عليها على قدر فهم الطفل، فإذا سأل طفل في الرابعة مثلا عما تعنيه السنة الزمنية فلا ينبغي أن يقال له إنها 365 يوما ولكن الأفضل التعريف بالسنة بأنها وقت طويل أو أنها الوقت بين عيد ميلادك القادم وعيد ميلادك الماضي. ولا ينبغي أن تقال كل الحقيقة للطفل، فإذا سأل السؤال المشهور من أين يأتي الأطفال فيستحسن أن نقول له من بطن ماما، وهذا جواب يكفي طفلا في الثالثة، فإذا كان في الخامسة نقول له من الأم والأب معا..

وبعض الأطفال يسألون أسئلة لها أسباب عاطفية وانفعالية فعلا عن الموت والمرض والأطفال الآخرين، والبعض أسئلته عن طلب للمعرفة أو ميل للاستطلاع. وعندما يكرر الطفل أسئلته فمعنى ذلك أن الإجابات التي أعطيت له لم تكن كافية ولم تشبع فضوله، أو أن هناك ما يزعجه أو يخشاه أو يجعله يستمر في السؤال، فإذا تأكدنا من دوافعه فيجب تطمينه والرد عليه بما يقلل من مخاوفه ويطرح عنه القلق .