زوجة الملك والسلم الأهلي

بقلم المنسق الميداني لتحالف القوى المدنية-فايز زقوت:-

يروى أن أحد ملوك العرب في الجاهلية ذهب لخطبة فتاة و بعد موافقتها هي وأهلها أراد أن يبني بها في بيت أهلها؛ فرفضت وقالت له: أيعقل وأنت ملك, وبعدها هماّ بالرحيل وفي الطريق عرض عليها أن يبني بها فرفضت وقالت له: أيليق بك وأنت ملك، فواصلا السير حتى وصلا إلى بيتهما وقال لها: الآن نحن في بيتنا فقالت له: كيف تبني بي ودماء العرب تهدر كل يوم ومنذ أربعين عاماً؛ قصدت بذلك حرب داحس والغبراء بين قبيلتي عبس وذبيان التي حصدت الكثير من الأرواح ومنهم الشاعر عنترة بن شداد وغيرهم الكثير، فبعد اقتناع الملك بكلام زوجته ما كان منه إلا أن ذهب وأصلح بين القبيلتين ووضع حداً لسفك الدماء وبذلك عم السلام والوئام بينهما.

وفي هذا المقام لا بد أن نؤكد ما عملته زوجة الملك لا ينم إلا عن حكمة بالغة والملك ما دفعه لتبني هذا الموقف إلا المروءة والشهامة العربية في ذلك الزمان، وإذا ما قارنا اليوم بين دورنا كمسلمين وعرب وبين العرب في الجاهلية، نجد أنه لزاماً علينا أن نغلّب لغة العقل على المصلحة ومصلحة الشعب على الفئة.

وللأسف نجد أنفسنا اليوم كلما ركبنا سفينة النجاة مع بعضنا البعض لنصل إلى بر الأمان، وجدنا أنفسنا أمام فرعين كبيرين كفرعي رشيد ودمياط وابتعدنا أكثر، ونحن كشعب مضطهد منذ عشرات السنين ناضل من أجل قضاياه العادلة لا يليق بنا اليوم أن يحدث ما هو حاصل بيننا من انقسام سياسي وجغرافي واجتماعي مستغل بذلك الاحتلال هذا الوضع القائم ويتبع يومياً سياسات ممنهجة يرتكبها بحق شعبنا.

لذا يجب علينا أن نعزز ثقافات سامية في مجتمعنا كالسلم الأهلي والتسامح وتقبل الآخر ونتسامى على الجراح, فهل يصبح السلم الأهلي أنشودة يرددها الصغار أو لحن يتغنى به الكبار أو مثلاً يستعين به الكهول والحكماء أم سيبقى أملاً يحلم به العقلاء؟