لكي تكون وسيطا…

بقلم المحامي يونس الطهراوي:-

تعتبرالوساطة عملية تدخل يقبل فيها الأطراف أن يقوم طرف ثالث بالتدخل لمساعدة الأطراف على التفاوض لإيجاد حل للقضية و من صفاته أن يكون غير منحاز _ حيادي ولا يملك السلطة لصنع قرار وذلك بهدف مساعدة الأطراف بطريقة تطوعية في الوصول لاتفاقية خاصة بهم ومقبولة عليهم.

فيما الحيادية تتعلق بالسلوك بحيث لا يتوقع المتدخل تحقيق مكاسب وفوائد شخصية من أحد الأطراف أما عدم الانحياز فهي تتعلق بالمواقف بحيث تتضمن عدم المحاباة وعدم التحيز وعدم التمييز بين الأطراف، ومسمى دور الوسيط يساهم في تخفيف الغضب من خلال توفير مناخ ملائم لعملية التفاوض.

يركز الوسيط على مصالح الأطراف أكثر من المواقف.وان يساعد في فصل الأطراف عن المشكلة.وان يستخدم تقنيات الاستماع الفعال فهو مستمع جيد.وينبغي عليه ان  يكون نموذج يحتذى به فهو جدير بالثقة،وان يستخدم الوسيط كلمات متعادلة من خلال خلق مناخ مناسب للأطراف لسماع بعضهم البعض،وينبه الأطراف إلى عواقب ونتائج عدم الوصول إلى اتفاق.ويشجع الأطراف على بذل جهود فاعلة لابتكار حلول مناسبة للقضية.وعليه ان يعرف انه شخص لا يتحدث عن الآخرين وليس قاضياً يقرر من المصيب ومن المخطئ.

وللوساطة مهارات عديدة أهمها:-
خلق إطار تعاوني وبناء للتفاوض: وذلك بهدف مساعدة الأطراف لإيجاد حل عادل يبنى على فهم حاجات ومصالح بعضهم البعض.
الاستماع وإعادة الصياغة:ويهدف الاستماع إلى مساعدة الأطراف في فهم وجهات نظرهم ووجهات نظر الآخرين وتحديد مصالحهم وصولا إلى الاتفاق. وتهدف إعادة الصياغة إلى توفير جو إيجابي للتفاوض بعيداً عن التوتر والانفعال وذلك بحذف العبارات السلبية وإعادتها من قبل الوسيط بأسلوب بناء وذلك لتخفيف حدة المشاعر وللتركيز على جوهر الفكرة وصولا إلى الاتفاق.
تحديد خيارات استراتيجية لخلق مرونة وتشمل:
المقابلة المنفصلة مع الأطراف: سواء كان ذلك قبل أو أثناء عملية الوساطة وذلك من أجل التنفيس عن مشاعرهم بعيداً عن الطرف الآخر.
منع ومقاطعة المجادلات الساخنة: وذلك بوضع القواعد وتحديد الأدوار وتذكيرهم بهدف القواعد في حالة تخطيها والخروج عليها.
فحص الواقعية: ويكون ذلك في فحص المكاسب التي سيجنيها الأطراف وكذلك المخاطر والمخاسر من عدم الوصول إلى اتفاق.
توسيع وإدراك رؤية المستقبل والعلاقات الإيجابية المطلوبة: وذلك بالتركيز على المصالح المشتركة والعلاقات المستقبلية بعيداً عن اللوم والشكوى .
صياغة الحل في عبارات مقبولة: بحيث تكون الحلول مصاغة بصورة واضحة تؤكد على المصالح بعيداً عن المواقف. ويشترط بأن تكون الأفكار والخيارات ذات مزايا متساوية للطرفين وليست لطرف دون الآخر.ويمكن ان يستخدم اساليب اخرى مثل ،استغلال فترة الهدوء والراحة:وهذا يعطي كل طرف الفرصة لتقييم المقترحات والبدائل والعواقب الناجمة عن عدم الوصول إلى اتفاق.استخدام الفكاهة ورواية القصص والحكاياتوهذا يهدف إلى شعور بالاسترخاء والانفتاح نحو الاستمرار في التفاوض والوصول إلى الحلول،ويمكن للوسيط الاستعانة بشخص آخر وقد يكون قبل الوساطة أو أثناء الوساطة للمساعدة في التأثير على الأطراف شريطة أن يكون هذا الشخص مقبولا على الطرفين مثل المختارشخصيته هامة في المجتمع،شخص متعلم له منزلة اجتماعية أو صديقاً مشتركاً للطرفين.

وعن مراحل عملية الوساطة فهناك عدة مراحل على النحو الأتي:
* المرحلة الأولى وتتمثل في تحديد الأدواروالقواعد بهدف مراجعة الأدوار وتحديد القواعد وأخذ الموافقة على التوسط:
ويقوم الوسيط فيها بتقديم نفسه للوسطاء والتعرف عليهم وعرض الأدوار وكذلك القواعد اللازمة لعملية الوساطة وأخذ الموافقة على هذه القواعد قاعدة وتنتهي هذه المرحلة بأخذ الموافقة على التوسط.

* المرحلة الثانية وهي سماع القصة وجمع المعلومات تهدف هذه المرحلة السماح لكل طرف أن يحكي قصته ويعبر عن مشاعره.وفيها يتيح الوسيط الفرصة لكل طرف بأن يحكي القصة من وجهة نظره ويعبر عن مشاعره في جو من الحرية والراحة.
المرحلة الثالثة فهم وجهات النظر :وتهدف الى مساعدة الأطراف لسماع وفهم مشاعر ووجهة نظر الطرف الآخر.وما يشعر به بحيث سيقوم بإعادة كلام الطرف الآخر وما يشعر به للتحقق من عملية التواصل بينهما.

*المرحلة الرابعة وهي  إيجاد الحل :والهدف منها عصر الدماغ وطرح الأفكار والمفاوضة حول حل عادل.
وفيها يطلب الوسيط من كل طرف ذكر الأفكار والبدائل والمقترحات التي يعتقد أنها تمثل حلولا لهذا النزاع مهما  كانت طبيعتها وذلك بغرض التفاوض حولها.

*المرحلة الخامسة كتابة الاتفاقية: والهدف منها كتابة اتفاقية واضحة ومنصفة وتحية الأطراف وتقديرهم.
ويشترط في الاتفاقية التي يتوصل إليها الأطراف بعد التفاوض على أن تكون واضحة محددة المعالم ويذكر فيها دور كل طرف ومتى وأين وكيف ستنفذ الاتفاقية بعيداً عن اللبس والغموض.

هناك قضايا ومواقف ليس من المناسب أن يدخل الأطراف فيها في عملية وساطة وهي: رفض أحد الأطراف الدخول في عملية الوساطة ،اوإذا كان هناك انتهاك للقانون أو السلطة،وتكون الوساطة غير مناسبة إذا كان الهدف هو القمع,ويجب تجنب عملية الوساطة إذا كان هناك خلل واضح في موازين القوى بين الأطراف.

ويذكر ان الوساطة ليست بديلا للإرشاد أو العلاج خاصة عند وقوع أحد الأطراف تحت ضغط نفسي كبير وتعذر وقوع مناقشات عقلانية.