المخاتير ورجال الإصلاح في غزة بحلة الحداثة؟!!!

غزة/ علا حسب الله
“أحبا بعضهما…تبادلا القبل كما تبادلا الورود والهدايا…فجأة هي حامل منه دون رابط شرعي بينهما”
هذه القصة طرحت بالفعل في إحدى الحلقات التدريبية التي يعقدها المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات لمجموعة من المخاتير ورجال الإصلاح في غزة ولم يكن الرد عليها تقليديا بالقول:” اقتلوهما ولا تأخذكم بهما رحمة او شفقة”، لكنه كان :يجب أن تعالج المشكلة بتزويجهما.
انه رد موحد ولأول مرة لرجال فعل التقليد والعادة بأدمغتهم ما فعل. بهذا الشاهد رد علينا عبد المنعم الطهراوي مدير دائرة المشاريع في المركز، عندما سألناه عن جدوى الدورة التدريبية التي يعقدها المركز ل 25 مختار ورجل إصلاح موزعين حول مناطق قطاع غزة بمعدل 50 ساعة تدريبية.
وأضاف:” ولدت الفكرة من خلال عمل المركز منذ عامين على مشروع تمكين النساء المعنفات الذي يموله مكتب المساعدات النرويجية و نعمل من خلاله على ثلاث محاور النفسي والقانوني والاجتماعي، فوجدنا انه من الضروري وحتى تتمكن من العمل بنجاح على المستوى الاجتماعي الدخول إلى النسيج الاجتماعي والعمل ضمن العادات والتقاليد السائدة في المجتمع لحامية المرأة من العنف وحتى نكون قادرين على توفير الحماية للنساء في هذا المجتمع كان لابد من إيجاد جهة ذات احترام مجتمعي ونصطلح على تسميتهم “بالمخاتير أو لجان الإصلاح”.
يذكر أن المركز قام بتدريب27 سيدة ريادية في مناطق مختلفة من قطاع غزة يقمن بالتدخل في قضايا النساء المعنفات التي لا يستطيع الرجال التدخل فيها.
فتابع:” تجربتنا كانت ناجحة مع النساء الرياديات وأنتجنا أول لجنة إصلاح نسوية ناشطة مجتمعيا، واستكمالا لهذه التجربة الناجحة جاءت فكرة تدريب المخاتير بشكل مهني ليصبح تدخلهم في حل قضايا النساء المعنفات تدخل مهني لذلك وضعنا خطة لتأهيل 25 مختار موزعين على قطاع غزة للتدخل في إدراة مشاكل العنف الموجودة في المجتمع الفلسطيني وتدريبهم من خلال 50 ساعة تدريبية على عدة محاور آليات التدخل مع النساء المعنفات الطرق البديلة في حل النزاعات الأسرية والعمل ضمن الأسس القانونية لتقريب عملهم من القانون.”

وزاد:” أعداد حالات العنف ضد المرأة في قطاع غزة في تزايد مستمر حيث توجه فعليا إلى المركز خلال العاميين الماضيين 23000 في قطاع غزة فقط وانا أكاد أجزم أن الحالات التي تعذر عليها الوصول الينا هي أضعاف ما وصل.”
واستطرد:”هذا العدد في تزايد مستمر بفعل الضغط النفسي والاقتصادي الناتج عن عدم قدرة الرجل على توفير مأوى لممارسة الحق الشرعي أو طعام لاسيما بعد الحرب مما يدفع الرجل للممارسة العنف الجنسي والأسري على المرأة.”
هذه الإعداد المتزايدة لحالات العنف كانت سببا بشكل أو بآخر في جعلنا نفكر في تدريب المخاتير ورجال الإصلاح وخصوصا بعد أدائهم الحسن وتدخلهم الايجابي في العديد من قضايا العنف ضد المرأة وذلك لجعل تدخلهم مهني وعلى اساس علمي.قال الطهراوي.
وأضاف:” هذه المجموعة تعتبر نواة بمعني كل محافظة من المحافظات فيها 5 مخاتير سيجمع حوله 15 آخرين، ونحن نأمل بالخروج بمخرج حقيقي من 25 مختار لديهم استعداد حقيقي لتدخل مهني.”
“نحن كنا نود أن لا نلجأ لمثل هذه الخطوة والاحتكام للقانون والقضاء في كافة القضايا الواردة إلينا لكن في ظل وجود قانون مغيب فإن المخاتير ولجان الإصلاح لهم دور كبير جدا.” قال متبسما.
وأشار إلى أن الأسلوب المتبع مع هذه الشريحة في الإقناع هي طريقة دراسة الحالة وعمليات الإحلال حيث يتم طرح العديد من التساؤلات المحورية مثل لو كانت هذه الفتاة المغتصبة أختك ماذا كنت ستفعل؟! أو لو كنت القاضي هنا كيف ستحكم ؟! وهكذا.
أضاف:”نحن نطرح الحالة ثم نبدأ في تحليلها وتفنيدها عن طريق القانون والعادات الصحيحة والدين.لكن أهم ما الصعوبات التي تواجهنا الموروث الثقافي كونهم رجال أولا وثانيا طاعنين في السن.
من جانب آخر ترى ناديا أبو نحلة مدير طاقم شؤون المرأة في قطاع غزة. بضرورة تفكيك الهياكل الاجتماعية التي تساهم في كثير من الحالات بتعزيز العنف ضد المرأة حيث لا بديل عن وجود وسيادة القانون .
وأضافت:” يجب أن تتوجه جهود مؤسسات المجتمع المدني على معاجلة وسد الفجوات القانونية كما يجب أن نجد آليات بديلة عن الآليات التقليدية في التعامل مع قضايا العنف ضد المرأة ،كذلك ترى ضرورة توجيه هذه الجهود لإيجاد دور حماية للنساء والأطفال ضحايا العنف الأسري كما ويجب إيجاد دور للإرشاد الأسري.”
تابعت:” المخاتير أصلا مؤسسات ذكورية فهي لن تعالج بحال بشكل عادل قضايا النساء المعنفات ، عدا عن كونها عاجزة عن التدخل بشكل فاعل في قضايا القتل والميراث لكنني لا أنكر الدور الايجابي لها كقوة تنفيذية في حالات النساء الفقيرات كذلك دورهم في القضايا السياسية لكن هذا الدور لا يعتبر بحال كافي او يضاهي بحال الدور المهم للقانون،لذا لا بديل عن إيجاد محاكم عادلة و قوانين تساوي بين الرجل والمرأة في الحقوق، و نحن لسنا بحاجة لتكريس هذه الهياكل المجتمعية وإذ بديل عن سيادة القانون وسد فجواته.”
وفي ذات السياق أبلغ صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة وعدد من المنظمات غير الحكومية المحلية وخبراء الصحة النفسية عن تزايد حوادث العنف المنزلي والاعتداء الجنسي ضد النساء في غزة منذ بداية عام 2009.
وأشار مسح لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة وشمل ربات وأرباب 1,100 أسرة بغزة أجرِيَ خلال الفترة بين 28 فبراير/شباط و3 مارس/آذار إلى أن العنف ضد النساء قد ازداد حدة خلال الحرب التي استمرت 23 يوماً وانتهت في 18 يناير/كانون الثاني.
وبين قانون طال سباته ومؤسسات مجتمعية يغلب الطبع في كثير من الأحيان فيها التطبع يبقى نساء غزة هن الحلقة الأضعف والضحية الأولى لكافة التغيرات السياسية أو الاقتصادية.