“الثريا” وقصة انتصارها في “حرب الإرادة”..

بقلم/ رنـدة بـركـة
بين أمواج متلاطمة، هائجة من بحر المأساة التي تحياها كواحدة من أبناء المجتمع الفلسطيني الذي تأخذ به الظروف من حوله ومعيشته الضنكة إلى دنيا من التشرد والضياع، تخرج “الثريا”، لتواجه واقعاً دواماً في أشد ما يكون من الألم، محاولة أن تنقذ نفسها من بدايات الغرق في متاهات المجتمع، وتسمو بحياتها فوق كل من وما يحاول أن يسلب منها أحلامها، وحقها في أن تحيى حياة جميلة كمخلوقة تتوق شوقاً لأن تتذوق طعم السعادة في دنياها.

“الثريا” هي قصة فتاة غزية اسمها “ثريا……..”، تعيش مرحلة انتقالية من طفولتها التي بدأت تغادر حياتها، منذ أن فرض عليها المجتمع من حولها بمنحها “فتى أحلام”، لم يكن لها حول ولا قوة في اختياره، لتواجه كوابيس واقع، منحتها شدة ألامه قوة لأن تستفيق على نفسها.

معاناة “ثريا” التي لم تتعدى السادسة عشر من عمرها، بدأت حينما تقدم ابن عمتها لخطبتها، ووافق والدها دون أن يأخذ برأيها أو يستشيرها كصاحبة الشأن والرأي، فتفاجئت بموافقة الجميع من حولها، فكتبوا كتابها، وأشهروا فرحتهم بهذه الخطوبة، لكن “ثريا” ومنذ تلك اللحظة أصبحت لا ترى “فتى الأحلام” إلا في كوابيس تلاحقها بمنامها، كانت تراه في كل ليلة يضربها ويقسو عليها، وليلة تلو الليلة رأت في منامها أنه طلقها وتحولت حياتها إلى جحيم.

ولا تتوقف مشكلة “ثريا” عند حد رفضها أو عدم رغبتها بالزواج، لكن الخوف كان يلاحقها بسبب معاناتها من مرض التبول اللاإرادي، الذي كانت والدتها ووالدة خطيبها “عمتها” على علم به، ولم يلقوا له اهتماماً، في وقت يعتبر واحداً من أسباب الكوابيس التي كانت تلاحق “ثريا”.

وهنا ومن وسط هذا الضعف لم تحتمل الفتاة هذه المأساة، وعاشت معركة حقيقية مع نفسها والمجتمع من حولها، لتنتفض أخيراً بإرادتها وتنفض عنها ثوب الضعف والهوان، ولترى أخيراً أن علاجها وإنقاذ حياتها لن يكون إلا بيدها هي، ومن هذا المنطلق الذي توصلت إليه بدأت تخوض حرب الإرادة مع الظروف والمرض، وكان عنوانها لذلك “المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات”.

توجهت “ثريا” إلى المركز غير أبهة بشيء من حولها، والتقت بإحدى المختصين النفسيين هناك، وبدأت تروي قصتها وتسرد معاناتها وتلقي بهمومها الذي أثقلت كاهل شبابها،، ومرة تلو المرة بدأت تشعر بالأمان، وكأن أحداً يمد يده إليها ويناديها “اقتربي وكوني قوية فأنتي بدأتي بالذهاب إلى شاطئ الأمان”.

ومع خضوع “ثريا” للعديد من جلسات العلاج والدعم النفسي في المركز، والتي تعقلت من خلالها لحلول مشاكلها وكيفية التعامل مع خطيبها، ومواجهة مرضها، بدأت تشعر بالأمان، وأصبحت تتقن فن التعامل مع كل مشكلة أو عائق يحاول الوقوف في طريقها إلى السعادة والحياة الصافية، وحسنت بارداتها معاملتها مع خطيبها، فيما بدأت معاناتها مع مرضها تخف مرة تلو المرة،، وتختفي الكوابيس من منامها وتبدأ تبني أحلامها في الحقيقة والمنام،، لتجسد بذلك قصة نجاح وانتصار على ملمات ومشاكل مجتمعها من حولها.