هكذا شاءت الأقدار
بقلم : هنادي القدومي
“طفلة من الماضي وامرأة من الحاضر ”
من خلال عملي في الميدان
طفلة شاء لها قدر الحياة القاسية الحزينة منذ طفولتها عندما أفاقت من نومها في ذلك اليوم المشئوم على صوت الرصاص فهرعت مسرعة إلى غرفة أمها، فوجدت أمامها أمها ملقاة على الأرض وجسدها مليء بالدم والرصاص، ونظرت إلى زوايا الغرفة الحزينة فوجدت عمها يحمل مسدساً وكان يوجهه إلى جسد أمها. لم تكن لحظتها تدرك ماذا تفعل سوى الصراخ والبكاء.
وبدون وعي ألقت نفسها بجسدها الصغير على جسد أمها المليء بالدم والآلام وأخذت تبكي.
بقوة وتصرخ وتقول إلى من تتركيني وحيدة إلى من ؟؟ فنظرت إليها والدتها وقالت ديري بالك على خواتك ولم تكمل هذه الكلمات حتى فارقت روحها جسدها لم تكن ” ف ” تتجاوز العشر سنين فأخذت تنظر حولها فلم تجد نفسها إلا وحيدة، وحيدة الآلام والمشاعر مع جسد أمها النازف في بركان الدم وأخذت تبكي بقوة ونهضت مسرعة ؟ وتوجّهت إلى بيت جدّها وأخبرته بما حدث
وقد كان في هذه الأثناء والدها بالسجن.
آلمها هذا الحادث المريب الذي لطالما حاولت جاهدة نسيانه لكن كيف ؟! ولماذا ؟
تساؤلات تدور في ذهنها بدون إجابات فهي أصبحت في عالم المجهول إحساس مريب سيطر عليها أنساها معنى طفولتها وبراءتها التي لم تعشها.
أجبرها قدرها المريب على الحياة في عالم الحزن المكنون لم تكن وحيدة ؟ لكنها الكبرى في خواتها لديها أربع خوات أخريات وقد اعتنت بهنّ فترة اعتقال والدهن الست سنوات يا لقسوة الدنيا ؟!
مرّت الأيام عليها كدهر من الأحزان والآلام ولكنها تغلّبت عليها واحتملت قسوتها وظلم البشر وتعالي القدر، وكبرت وكبرت الأحزان معها يوماً بعد يوم.
وبعد انتهاء محكومية والدها خرج إليهم وهو منهك من قسوة القدر، وبعد مدة قصيرة تزوج فاعتقدت أن الأيام القادمة ستكون مخرجاً لحزنها الدائم فلم تكن كذلك ،فقد كانت بداية لمأساة جديدة لكنها مختلفة كانت هذه البداية .. زوجة الأب قاسية ظالمة تعاملهن كخادمات لديها، آلمها هذا القدر المرير ولم تكن هذه الفترة بطويلة فشاءت الأقدار أن يطلق أباها امرأته، وبعد مدة قصيرة تزوج بأخرى ومرت الأيام وجاء ذلك اليوم الذي طالما حلمت به إي فتاة .
ارتبطت بأخ زوجة أباها وكانت سعيدة للغاية أراها من بعيد فاشعر بسعادة كبرى تجاهها.
وعندما ارتبطت به لم تكن بمدة طويلة حتى دخل والدها السجن مرة أخرى فشعرت بغبطة تنتابها كانت تأتي عندي بين الحين والآخر تارة تشكو إليّ حالها وتارة تشعر بسعادة أخرى أتأملها فاشعر بمعالمها تتغير وتتبدل وأدعو في مكنونتي أن يسعدها الله.
وجاء يوم زفافها ولم أكن اشعر بسعادة تغمر وجهها وذلك بسبب اعتقال والدها الذي قد كتب قصيدة لها أسمعنا إياها عبر الهاتف وعندما سمعنا كلماته أدركنا قوة معاناتها وآلامها فأبكتنا هذه الكلمات الشفافة الحساسة الحزينة لم تكن لتفرح حتى تعود كعادتها لتبكي، وبعد يومين من زواجها لم تكن لتفرح حتى وصل خبر إصابة زوجها بعيار ناري بقدمه اليسرى و لم تصدق الخبر وقد أجهدها البكاء لفترة طويلة شعرت بداخلي بحزن كبير عليها.
وبعد عشرة أيام من زواجها وفي ليلة ظلماء قاحلة دقت الساعة الثانية بعد منتصف الليل كنا جالسين في مدخل بيتنا كعادتنا وقد اقتحم الجيش مدخلنا ،وحاصروا أنحاء المنزل وتم اعتقال زوجها المصاب وأخذوه إلى منطقة مجهولة ، لم تكن لتحتمل الخبر وفقدت الوعي وأصيبت بانهيار عصبي حاد.
آه من تلك اللحظات المريرة الأليمة عنوانها ليس كبقية البشر حياتها تدمر … تنتهك تموت كل يوم مشاعرها ماتت قبل أن تولد ، قلبها ضائع أظنها حرق مع بقايا جسد أمها الضائع، شعرت بلحظات العذاب تتجدد وتتلون فيها وبعد فترة تم الحكم على زوجها بالسجن لمدة عشرين عام لم تكن تدرك ماذا تفعل سوى البكاء والصمت.
وبعد مدة قصيرة تم طلاقها من زوجها شاء القدر أن تموت فيها كل المشاعر والأحاسيس.
أي قدر بائس حزين ؟؟؟؟؟؟؟؟