دور الاعلام الفلسطيني في مواجهة العنف ضد المرأة
ريما كتانة نزال
لا نختلف على أن صورة المرأة في الإعلام الفلسطيني لا تختلف عنها في الاعلام العربي، فالمنطقة العربية من ذات النسيج الفكري والاجتماعي مع بعض المميزات والخصوصيات الخاصة بكل قطرعربي، بما فيها الظرف السياسي العام وطبيعة النظام السياسي وقوانينه ومرجعياته، ولا نغفل ان المواطنين العرب جميعا يتأثروا بل ويخضعوا للتأثيرات الاعلامية المتبادلة،ونطرح السؤال في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة؛ عن مدى قدرة الاعلام الفلسطيني على المساهمة في رفع الغطاء عن العنف الواقع على المرأة الفلسطينية الذي يتغذى ويستفيد من حالة الفوضى والفلتان الأمني وغياب القانون..
من خصوصية وضعية المرأة الفلسطينية ومكانتها النضالية في المجتمع يواجه الإعلام الفلسطيني مشكلة العنف الممارس ضدها بازدواجية وحياء ظاهر، فالدور الهام والمشهود في مقاومة الاحتلال الذي قامت به المرأة الفلسطينية ألبسها قالبا قداسيا وأصبحت نموذجا للمرأة التي غالبا ما توضع في قالب خيالي بعيد عن الواقع، ويجعل طرح مشاكلها الاجتماعية خدشا للإطار النضالي الطاهر الموضوعة به، لذلك نجد الاعلام العربي غالبا ما يضعها في إطار قالب رمزي، أما الاعلام الفلسطيني فهو غير موحد إزائها ويتعاطى مع المرأة اما بالبعد التقليدي الفكري بوعي وانسجام مع منظومته الفكرية ومرجعياته؛ ويدخل في نطاقه أصحاب النظرة الرومانسية للصورة، متجاهلين ومغيبين الاستحقاق القانوني والحقوقي للمرأة كقطاع مشارك في أعباء النضال الوطني؛ وقافزين عن مشاكلها الاجتماعية الواقعية انطلاقا من رؤيا وحلول عقائدية لقضايا المجتمع الاجتماعية لهذا الاتجاه الاعلامي؛ لذلك يفضل أصحابه تقديم النصف النضالي من الصورة. أما الاتجاه الاعلامي الآخر الذي لا يخرج من اشكالية الواقع المزدوج للمرأة كونها تقع في وسط اضطهاد الاحتلال وقمعه ومواجهة المنظومة الثقافية السائدة؛ فينقل الصورة بعين مهزوزة ويتعامل دون نهج واضح ودونما ثبات؛ ولا يحسم المشهد الواقعي العام للمرأة الفلسطينية كامرأة عادية تقف في بؤرة التناقض؛ مكتفيا بنقل ما تقدمه المؤسسات من تقارير على صعيد مشاكلها الاجتماعية ومنها العنف الممارس ضدها؛ أو تغطية ما تقوم به من فعاليات بحياد واضح، وبالنتيجة يتلاقى الاتجاهين الاعلاميين بحصر الصورة الاعلامية للمرأة في اظهار البعد النضالي والانساني للمشهد النسوي، وبرأيي فإن التردد الاعلامي للاتجاه المتنور والمؤمن بحقوق المرأة ومساواتها ورفع الغطاء عن اشكالاتها؛ يعود إلى أسباب منهجية تتعلق بصراع قديم حول تجسيد عملي لمفهوم الأولويات الفلسطينية، التي تحولت الى نهح يقوم على أساس وضع القضايا الوطنية والاجتماعية بمواجهة بعضها البعض، فتصبح صورتها في مواجهة مشاكلها الاجتماعية وصورتها كضحية للعنف المحلي مقابلة بل ومشوشة على صورتها كرمز ونموذج للنضال ضد الاحتلال؛ وتعود الاشكالية الى النفاق للبنية الثقافية العامة في المجتمع الفلسطيني عجزا أو تساوقا معها، والتي تتحفظ على الاعتراف بوجود مشكلة العنف ضد المرأة من حيث المبدأ أو التقليل من حجمه تحديدا على صعيد العنف الجنسي، لذلك غالبا مايدفع النقاش الى نطاق حسم المصطلح حول كونها ظاهرة أو انها مشكلة عابرة يجب أن لا يصنع منها قبة ولا اثارة الزوابع في الفناجين النسائية؛ وأحيانا يهرّب الموضوع ويلجم بالقفز الى اتهام المؤسسات النسوية التي تتصدى لقضايا العنف ضد المرأة بالتساوق مع الأجندة الغربية.
لا أندفع بتحميل الاعلام أكثر من طاقته في الوضع الفلسطيني الشائك فوظيفة الاعلام تقوم على نقل الواقع، لكنني أدعوه لكسر حاجز الصمت كما ندعو الضحايا الى ذلك، فقضايا المرأة ومساواتها ورفع العنف المحلي عنها يجب ان يكون في سياق خطة وطنية عامة ومعتمدة تقوم على أساس استراتيجية تغيير شامل لواقع المرأة على صعيد التعليم والعمل والقانون كما الاعلام.