التحرش الجنسي بالأطفال بغزة : 92 حالة عولجت من أصل 205 حالات في العام 2014

غزة – خاص دنيا الوطن-اسامة الكحلوت

” جدى يتحرش بى جسديا عندما اقوم بايصال الطعام له فى ارضه القريبة من منزلنا يوميا ، واضطر على السكوت لانه جدى واخشى الحديث لاى احد عن الامر ، ولم اعد اتحمل التحرش لان ظروفى الصحية اصبحت سيئة ” .

كانت هذه شكوى من طفلة فى ال 12 من عمرها على جدها السبعينى ، بعد تعرضها لاعراض نفسية كثيرة نتيجة التحرش وتبول لا ارادى وخوف ، وتقدمت بشكوتها للمركز الفلسطينى للديمقراطية وحل النزاعات بغزة بدون مساعدة احد للتخلص من المشكلة وايقاف الجد عند حده .

وقالت الاخصائية اسماء سعود العاملة فى برنامج حماية الاطفال من الاستغلال الجنسى فى المؤسسة ، انها سجلت خلال عام 2014 ما يقارب 205 حالة تحرش وقعت فى قطاع غزة ، منهم ما يقارب 65 طفلة تعرضن للاستغلال والاعتداء الجنسى وحالات تعرض للاغتصاب وافاقة جنسية مبكرة اعمارهن ما بين 8-12 سنة ، وتم اعادة تأهيل 92 حالة منهم.

ويستهدف هذا المشروع الاطفال بتقديم توعية لهم ودمجهم فى المشروع ، وقد وصلت حالات للمركز اعمارهن 5 سنوات بالاضافة لفتاة عمرها 19 سنة ، واغلب المتهمين فى التحرش هم من الدائرة القريبة والمحيطة للاطفال .

وعن التحرش قالت الاخصائية سعود لدنيا الوطن ” التحرش هو اشباع رغبات لمراهق او شاب او رجل عن طريق طفل بعدة صور مثل مشاهدة صور اباحية وافلام على الهاتف الخلوى او مجلات ، او عن طريق لمس الطفل بخلع ملابسه او لمس اعضائه الحساسة ، او مشاهدة اطفال يمارسوا اعمال لا اخلاقية ، وهذا يعتبر اعتداء جنسى ” .

ويصاحب الطفل بعد اى اعتداء جنسى عدة اعراض مثل الاعراض النفسية كالخوف وتشتت الانتباه وعدم التركيز ، واعراض جسدية كعدم القدرة على المشى نتيجة خدوش فى الجسد وعلامات ظاهرة تؤكد تعرض الطفل لاعتداء جنسى ، واعراض سلوكية مثل التبول اللا ارادى واحلام مزعجة وصراخ واضطرابات النوم والاكل وفقدان الشهية وتدنى التحصيل العلمى ، وقد تصل لرفض الطفل الذهاب للمدرسة وكراهية الشخص المتحرش .

وقالت سعود ” قد يتعرف الاهل على اى اعتداء على طفلهم من خلال سلوكه وحركته داخل البيت ، فيكون الطفل نشيط بطبعه ويتحول لمنعزل ، وقد تركزت هذه الحالات والاعتداءات فى المناطق الريفية والمكتظة بالسكان والمناطق المهمشة بالاضافة للمدن ولكن مع اختلاف النسبة ” .

وتجلس الاخصائية مع الحالات لفهم ما دار معهم وطبيعة الاعتداء ، وفى حال كان الاعتداء مستمر تقوم بتشكيل فريق مكون من اعضاء المركز والمختصين يتسم بالسرية التامة لحل المشكلة خاصة اذا كانت كل اركان القضية تدور داخل منزل واحد .

وتابعت لمراسلنا في غزة ” نحاول الوصول لاحد من اقارب الاسرة لايقاف الاعتداء ، وفى حال لم تستجب الاسرة لمحاولة حل المشكلة نقوم بالتعاون مع الشرطة فى حل المشكلة ضمن تفاهمات مسبقة معهم ، مثل تحرش مراهق فى بنات زوجة ابيه المقيمات معه فى المنزل ، ورفضت الام تطور القصة خوفا من طلاقها من زوجها اذا علم بالحادثة ، فى حين يعرف المتحرش ان زوجة ابيه على علم بالتحرش ” .

وقالت الاخصائية انها عملت على حل مشكلة الطفلة التى تتعرض لتحرش جدها من خلال الوصول لعمتها لانها اكثر شخصية تثق فيها الطفلة بعد سؤالها ، وتم استدعاء العمة وتوضيح تفاصيل الاعتداء من والدها على حفيدته ، ولم تتفأجأ نظرا لضبط والدها عدة مرات بهذه التهم التى تم اغلاقها على الفور ، ووعدت العمة المؤسسة بان توقف والدها عند حده نظرا لسكنها القريب من منزله ، ومنع الطفلة بالاضافة لباقى اطفال الاسرة من الذهاب للجد لتقديم الغذاء له .

واشارت الاخصائية سعود الى انه تم علاج 92حالة من الشكاوى التى وصلت للمركز ، وجارى العمل على بقية المشاكل ، فى حين رفض بعض الاهالى التعامل مع المؤسسة لحل المشكلة ، وتم رفع الشكوى للشرطة .

من جهته قال الاستاذ اياد حجير مدير فرع غزة فى المركز الفلسطينى للديمقراطية وحل النزاعات لا نستطيع اعتبار التحرش الجنسى فى الاطفال ظاهرة فى قطاع غزة ، اخذين بعين الاعتبار ان مجتعمنا مجتمع محافظ ، لكن هذا لا ينفى وجود بعض المنحرفين والمتحرشين بالاطفال مثل باقى المجتمعات الاخرى ، فى حين تعمل المؤسسة بشكل وقائى وتوعوى للاطفال والاسرة .

كما طالب الاهل بالاهتمام بتحركات الاطفال ومراقبتهم ومتابعة تحركاتهم خصوصا من هم فى المرحلة الابتدائية ، لانه السن المرشح لتعرض الاطفال للتحرش ، وفتح خطوط الثقة بين الاهل واطفالهم ومصارحتهم باى احداث يمر فيها الطفل فى محيط الاسرة ، ومتابعة حدوث اى تغيرات عليهم فى السلوك ، وتوعيتهم بعدم التعاطى مع اى شخص غريب ،كطلب رجل منهم صعود السيارة بحجة انه يعرف والده ، او مساعد شخص بادخال اغراض داخل شقة ، او مصاحبة صاحب دكان بقالة لاماكن داخلية فى المحلات .

وقال لدنيا الوطن ” يجب توعية اطفالنا بالصراخ فى وجه اى معتدى او متحرش بكلمة لا ، لان المتحرش طبعه جبان ويخاف من كلمة لا ، وعقاب المتحرش يشكل عامل نفسى ايجابى للطفل ، فى حين ان سبعة حالات من الحالات التى سجلت فى المركز سمحت لنا برفع القضية للمحاكم”.

وقد تصل عقوبة المتحرش بالسجن لمدة 3 سنوات ، مطالبا بمراقبة الابناء فى فترة المساء خاصة الذين يخرجون من المنزل ، لان حرية الحركة تكون متاحة لهم ، وبحسب الحالات الواردة الينا فى المركز فان 70% من المتحرشين فى الطفل هم من الدائرة القريبة منه.

وتعتبر هذه الانتهاكات بحق الطفولة هى قليلة فى المجتمع الفلسطينى ولا يمكن اعتبارها ظاهرة وتمثل انفجار صامت يتم التستر عليه خوفا من الفضيحة ، فيما تقوم المؤسسة بمحاولة حل كل الاشكاليات بعيدا عن الشرطة بناء على طلب الضحية .